لم يأت تكليف هشام المشيشي برئاسة الحكومة التونسية على هوى حركة النهضة، وهو ما يظهر جليا سواء في تصريحات قادة الحركة وحلفائها، وحتى على الصفحات التابعة لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي أعقاب الإعلان عن اختيار الرئيس التونسي قيس سعيّد للمشيشي لتشكيل الحكومة، برز ما دونته صفحات محسوبة على النهضة على مواقع التواصل، من انتقادات لشخص رئيس الحكومة المكلف.
وحسب ما رصدته "سكاي نيوز عربية"، اعتبرت هذه الصفحة أن المشيشي "تنقصه الخبرة في المجال الاقتصادي"، وأنه "ضمن دائرة صداقات الرئيس".
وتبدو هذه الانتقادات منسجمة مع موقف رئيس حركة النهضة رئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي قال إن "المرحلة السياسية تتطلب رجل اقتصاد وليس رجل قانون"، في إشارة إلى المشيشي الذي درس الحقوق والعلوم السياسية، وزير الداخلية في حكومة رئيس الوزراء المستقيل إلياس الفخفاخ.
كما رفض سيف الدين مخلوف رئيس ائتلاف الكرامة المقرب من حركة النهضة، طريقة اختيار المشيشي، قائلا إن "مصير استشارة الأحزاب كان سلة المهملات" في قصر قرطاج.
يشار إلى أن حركة النهضة سبق وأن اعترضت على تولي المشيشي حقيبة وزارة الداخلية في حكومة الفخفاخ، خلال مشاورات فبراير الماضي.
وبينما يبدو واضحا أن اختيار المشيشي أغضب النهضة وحلفاءها، فقد رحب به عدد من النواب من بينهم حاتم بوبكري الذي وصف رئيس الحكومة المكلف بـ"الرجل المحترم البعيد عن التحزب ودوائر المال والمؤمن بالدور الاجتماعي للدولة"، واعتبر أن اختياره "ينسجم مع الشروط التي وضعها حزبه حركة الشعب لشخصية رئس الحكومة".
فيما رأى النائب ياسين العياري أن المشيشي مطالب بـ"إعادة الثقة للحياة السياسية"، مضيفا أن قادة حركة أمل وعمل، ورغم موقعهم في المعارضة، سيتعاملون مع الحكومة بإيجابية في الرقابة والتشريع والاقتراح.
من جهة أخرى، اعتبر المحلل السياسي سمير عبد الله اختيار المشيشي "مفاجأة سارة"، بالنظر إلى أدائه الناجع خلال الخمسة أشهر التي قضاها على رأس وزارة الداخلية.
وتواجه الأحزاب الآن خيارين لا ثالث لهما، إما منح الثقة لحكومة المشيشي، أو حل البرلمان وإعادة الانتخابات، مع ما يمكن أن تفرزه من نتائج مغايرة للمشهد السياسي الحالي، تصب وفق استطلاعات الرأي في صالح الحزب الدستوري الحر والقائمات المساندة للرئيس قيس سعيّد.
واختار سعيّد، غير المتحزب، وفق ما يمنحه الدستور من صلاحيات رئيس حكومة من خارج الدوائر الحزبية، وأمهله 30 يوما للعودة إليه بتشكيلة حكومته بعد التشاور مع الأحزاب.
ويستنتج مراقبون أن أولويات الحكومة ستكون أمنية إلى جانب الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، بالعودة إلى تصريحات سعيّد في أكثر من مناسبة عن "مؤامرات لزعزعة أمن الدولة من الداخل".
ويذهب البعض إلى أن الرئيس التونسي أجاب على انتقادات الغنوشي، الذي قال إن المرحلة تتطلب رجل اقتصاد وليس رجل قانون، بتعيين شخصية أمنية بخلفيات قانونية، في إشارة لمواجهة كل مخاطر زعزعة أمن البلاد.