تترقب الأحزاب السياسية في المغرب، انتخابات 2021 البرلمانية، وسط ظروف استثنائية، نظرا لما أحدثته جائحة كورونا من تبعات على مختلف الصعد، وفي مجال الاقتصاد على وجه خاص.
وبدأت وزارة الداخلية المغربية استعدادها، من خلال عقد لقاء مع قادة الأحزاب، في وقت سابق من يوليو الجاري، في مسعى إلى ترتيب الانتخابات التشريعية، والاتفاق حول أمور من قبيل العتبة المطلوبة لحصول الأحزاب على حق التمثيل في البرلمان.
وفي المنحى نفسه، يثار نقاش حول حصة "الكوتا" الممنوحة للنساء في البرلمان، في ظل اقتراحات بأن يجري رفعها من 90 مقعدا إلى 120.
أما اللائحة التي جرى تخصيصها، في وقت سابق، للشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة، لأجل "تشبيب" البرلمان وضمان تمثيلية هذه الفئة العمرية، فربما يجري إلغاؤها في الانتخابات المقبلة.
وتتعرض قائمة الشباب التي تضم 30 مقعدا، للانتقاد منذ عدة سنوات، ويقول معارضوها إن لائحة النساء تبدُو مفهومة، لأنها صيغة معتمدة في كثير من الدول من باب التمييز الإيجابي لصالح النساء.
لكن التمييز الإيجابي لصالح الشباب ليس مقبولا، بحسب المنتقدين، لأن القائمة تفرز تنافسا و"تطاحنا" على ما يُوصف بـ"الريع الانتخابي"، فيما يفترضُ أن يخوض الشباب غمار المنافسة إلى جانب باقي المرشحين، على قدم المساواة.
وتجد الأحزاب السياسية في المغرب، نفسها في حاجة إلى خطاب مختلف، في استعدادها للانتخابات التشريعية المقبلة، نظرا إلى الظروف والتأثيرات الناجمة عن فيروس كورونا.
وتأثر الاقتصاد المغربي بجائحة كورونا، على غرار باقي دول العالم، من جراء قيود الإغلاق وتوقف عجلة الإنتاج والخدمات في عدد كبير من القطاعات.
وتبعا لذلك، فإن الوعود المقدمة للناخبين، ستتأثر بظروف كورونا الاقتصادية التي لا تتيحُ هامشا كبيرا لإحداث الوظائف في القطاع العام، بحكم العبء الذي يقع على كاهل ميزانية الدولة.
وتفرز الانتخابات التشريعية في المغرب، ائتلافات حكومية من عدة أحزاب، في أغلب الأحيان، نظرا إلى عدم قدرة أي حزب على حصد أغلبية مقاعد مجلس النواب (395 مقعدا).
وفي انتخابات البرلمان الأخيرة في 2016، حل حزب العدالة والتنمية في المركز الأول بـ125 مقعدا، لكنه ظل في حاجة إلى 73 مقعدا إضافيا لتشكيل الحكومة.
ودخل العدالة والتنمية في ائتلاف مع أحزاب من مختلف المرجعيات مثل التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي) والاتحاد الاشتراكي (يسار)، وغالبا ما تقول الأحزاب إن الدخول في ائتلافات يجعل من الصعب أن تنفذ البرامج التي وعدت بها خلال الحملة الانتخابية لأنها لا تتولى التسيير بمفردها، بل في إطار برنامج حكومي مشترك مع أحزاب أخرى.
سيناريو الائتلاف المؤكد
ويرى الباحث السياسي، خالد الشرقاوي السموني، أن الجائحة ستؤثر لا محالة على الانتخابات المقبلة، لأن بعض الوزارات اشتغلت بشكل جيد، فيما أخفقت أخرى والمرجح هو أن من تولوها سيخضعون لمحاسبة الناخبين.
لكن القاعدة السياسية في المغرب، بحسب السموني، هي أن بعض الأحزاب تحافظ على كتلة من المصوتين؛ لأنها تتمتع بقواعد وليس بناخبين، مثل حزب العدالة والتنمية.
وأضاف الأكاديمي المغربي، في حديث مع موقع"سكاي نيوز عربية"، أن بعض الأحزاب ستحتفظ بقواعدها، فيما يتواصل أفول أحزاب أخرى تقليدية كان لها وزن سياسي كبير فيما سبق، لكنها فقدت القدرة على التأطير.
وأوضح أن الأحزاب ذات التوجه المحافظ هي التي أخذت بزمام الأمور وتولت مسألة التأطير، بعدما تراجعت أحزابٌ تاريخية وكبرى في المغرب مثل الاستقلال والاتحاد الاشتراكي.
ولا يتوقعُ الباحث أن يحصل أي حزب في المغرب على أغلبية نيابية تتيح له أن يشكل حكومة بمفرده، في انتخابات 2021 التشريعية، ما دام القانون الانتخابي الحالي قائما.
وأضاف أن الائتلافات الحكومية التي جرى تشكيلها، خلال المحطات الانتخابية السابقة، لم تكن منطقية، وهذا الأمر يتطلب تطوير الآليات السياسية في البلاد، بحسب قوله.
وفيما تثار التكهنات بحصول تقارب بين حزب العدالة والتنمية و"غريمه السياسي" التقليدي؛ حزب الأصالة والمعاصرة، يقول السموني إن "الدفء" وارد بين الحزبين، رغم الخلافات القائمة بينهما.
ويشير السموني إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة الذي انتخب أمينا عاما جديدا على رأسه وهو عبد اللطيف وهبي، شهد عددا من التحولات منذ تأسيسه، ولم يعد خاضعا بقوة للخطاب اليساري الذي رافق انطلاقته سنة 2008 لأجل كبح ما يعرف بـ"الإسلام السياسي".