اتهمت جمعية "أصوات النساء"، السلطات في تونس، بالمماطلة في إيجاد حلول لمشاكل العاملات في القطاع الزراعي، وذلك بعد أن ألغى وزير النقل موعدا كان مزمعا عقده الثلاثاء مع عدد من منظمات المجتمع المدني لمناقشة إشكاليات متعلقة بظروف عمل ونقل العاملات في الزراعة، والتي تصفها المنظمات بالمأساوية.
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، اعتبرت المديرة التنفيذية لجمعية "أصوات النساء"، سارة بن سعيد، ظروف نقل العاملات في القطاع الزراعي بمحافظات سيدي بوزيد والقيروان وجندوبة وحتى في مناطق غير بعيدة عن العاصمة، بأنها غير آمنة وليست إنسانية.
وتنقل يوميا "شاحنات الموت"، العشرات من العاملات، بطريقة تفوق طاقتها الاستيعابية، نحو المزارع، وتعود بهنّ في المساء، الأمر الذي تصفه سارة بأنه ناتج عن غياب "الإرادة السياسية لحل مشاكل العاملات في القطاع الزراعي"، مشيرة إلى أن "وزارة النقل التي يشرف عليها وزير حركة النهضة أنور معروف تتهاون بشأن ذلك".
ويعتمد قطاع الزراعة التونسي بشكل كبير على النساء، إذ تعمل ما يقارب مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين العشرين والسبعين سنة في أعمال الزراعة، وفق تقديرات وزارة الفلاحة.
وغالبا ما تتصف ظروف عمل هؤلاء النسوة بكونها شاقة وموسمية، ترتبط بجني الفواكه أو زراعة الخضروات، مقابل أجرة يومية تقدر بعشرة دنانير، أي ما يعادل ثلاثة دولارات.
حملات مناصرة
وتقود منظمات مدنية منذ شهر حملة لمناصرة النسوة العاملات في القطاع الزراعي بتونس، تحت شعار "سالمة تعيش"، للدفاع عن حقهن في السلامة والحماية، وحتى لا تقترن صورة النساء الفلاحات بالموت والمخاطر.
وراسلت المنظمات البرلمان ورئاسة الحكومة للمطالبة بتفعيل القانون الصادر في شهر يونيو من العام الماضي، والقاضي بإحداث صنف جديد لنقل العاملات في القطاع الفلاحي، وهو قانون دخل حيز التنفيذ، ولكن لم تصدر بشأنه بعد أية أوامر ترتيبية ليظل حبرا على ورق.
وتحمّل رئيسة جمعية "صوت حواء" في سيدي بوزيد، جنات قداشي، مجلس النواب مسؤولية تعطل المبادرة التشريعية، قائلة إن عليهم أن لا يكتفوا بإصدار القوانين، فمن واجبهم أيضا مراقبة تنفيذها، علما أن "القانون المعطّل" تمت صياغته على إثر حادثة أليمة هزت الشارع التونسي في العام الماضي، وراحت ضحيتها العشرات من النسوة العاملات في الزراعة بعد انقلاب شاحنة نقلهن في محافظة سيدي بوزيد.
وتعليقا على ملف نقل العاملات في الزراعة بتونس، قال الناشط في منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، علاء الطالبي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الوضع يحتمل التأجيل، مضيفا أن "هذه الفئة ورغم تهميشها أمّنت الغذاء للتونسيين خلال أزمة فيروس كورونا بفضل جهودهن وعملهن دون انقطاع".
وأحصى مرصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أكثر من 500 ضحية و40 حالة وفاة، جرّاء حوادث مرورية وقعت أثناء نقل العاملات بالزراعة طيلة الخمس سنوات الماضية.
وبينما تواصل التونسيات العاملات في القطاع الزراعي رحلة كفاحهن من أجل لقمة العيش عبر رحلات محفوفة بالمخاطر، تتوالى الحوادث المؤلمة والتي تعقبها إدانات من منظمات ووعود رسمية من الدولة للتحرك، إلا أن الواقع لا يزال قاتما على أمل تنفيذ الوعود بتحسين ظروف عملهن من جانب البرلمان والوزارات المعنية.