منذ الساعات الأولى ليوم السبت، تجلت في مصر مشاهد لم تظهر في الأشهر الثلاثة الماضية، حيث عادت الحياة في العديد من الأماكن، بعد تطبيق قرار الحكومة المصرية بتخفيف الإجراءات المتبعة مع أزمة تفشي فيروس "كورونا" المستجد.
وتوافد العشرات من المصلين على مسجد عمرو بن العاص بمدينة الفسطاط، أقدم مساجد مصر، قبل أداء صلاة الفجر بعشرة دقائق مع التزامهم بقرارات وزارتي الصحة والأوقاف.
الشيخ سيد عبد القادر إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص يقول في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "الوضع كان أشبه بيوم العيد، بهجة على الوجوه بعد عودتهم للصلاة في المسجد بعد إغلاق استمر لنحو 100 يوم".
وكانت وزارة الأوقاف المصرية قد أعلنت عن عدة ضوابط لعودة فتح المساجد من أبرزها تعليق إقامة صلاة الجمعة لحين إشعار آخر، وعدم فتح دورات المياه نهائيا للوضوء، وعدم استخدام دور المناسبات أو إقامة أي دروس أو ندوات، فضلا عن التزام المصلين بارتداء الكمامة خلال تواجدهم داخل المساجد.
ويقول إمام مسجد عمرو بن العاص إن أكثر من 150 مصلِ حضروا إلى صلاة الفجر، موضحا اهتمام الجميع بإحضار سجادة صلاة خاصة بهم وارتداء الكمامات، مع مراعاة التباعد بينهم خلال أداء الصلاة بما لا يقل عن متر ونصف بين كل شخص.
المقاهي في زمن "كورونا"
وفي المقاهي، جرت استعدادات خاصة من قِبل القائمين عليها، حيث اشترط رئيس مجلس الوزراء المصري تشغيلها بطاقة استيعابية لا تزيد عن 25 بالمئة فقط، مع منع الألعاب المختلفة مثل "الطاولة"، والتوقف عن تقديم الشيشة، على أن يتم الإغلاق في الساعة العاشرة مساءا.
واستجاب لتلك القرارات محمود علي، المسؤول عن أحد المقاهي الكبيرة بمنطقة المهندسين بالجيزة، الذي انهمك الأيام الماضية في تجهيز مقهاه وتعقيمه بمعدات خاصة ومواد التطهير لاستقبال زبائنه من جديد.
ومع شروق شمس يوم السبت، أعاد محمود فتح المقهى رفقة 17 عامل عانوا خلال الآونة الأخيرة من ضيق الحال وتوقف مصدر رزقهم الوحيد، حيث قدرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، أن نحو 35.5 بالمئة من الأفراد تعطل دخلهم، وفق دراسة لقياس أثر فيروس كورونا على الأسر المصرية.
وخلال الساعات الماضية تلقى صاحب المقهى اتصالات هاتفية من رواد المقهى لحجز أماكن لهم "من نسبة الـ 25 بالمئة" يقولها الرجل الثلاثيني ضاحكا، قبل أن يتوافدوا بعد ساعة واحدة من استعداد المكان لاستقبالهم لكن بسلوكيات مختلفة.
لا يجلس رواد المقهى كثيرا، يحصلون على شراب سريع ثم يغادرون المكان، نظرا لعدم إتاحة استخدام أي ألعاب، كما تأثر الإقبال بسبب منع الشيشة، صاحبة الشعبية الكبيرة في المنطقة العربية وفق-صاحب المقهى.
ويعتقد "محمود علي" أن الأمور ستعود إلى طبيعتها بعد توافر علاج أو لقاح لفيروس "كوفيد-19"، لكنهم مستمرون في العمل بدلًا من الخسارة الفادحة، مع الحفاظ على التعقيم المستمر وتقديم المشروبات في أكواب بلاستيكية لا يُعاد استخدامها.
على مدار 10 أعوام اعتاد الشاب محمد عبدالوهاب على الذهاب يوميا إلى المقهى القريب من بيته في منطقة عابدين بالقاهرة، لذلك اعتبر قرار عودة المقاهى خطوة ضرورية موضحًا: "متنفس لابد منه، الجلوس في البيت لعدة أشهر قد يُصيب الفرد منا بالاكتئاب".
لن يمر اليوم الأول لتخفيف إجراءات حظر التجول دون انطلاقه إلى المقهى، ورغم عشقه لـ "الشيشة"، لكنه ليس غاضبا إذ يقول: "قمت بشراء شيشة خاصة في المنزل، ويكفي لقاء الأصدقاء مع وجود مسافات.. الجلوس في المقهى طقس مُحبب لا يمكن الاستغناء عنه بشرط حفاظه على الإجراءات الوقائية المختلفة.
انتعاشة في المطاعم
وشهدت المطاعم انتعاشة في اليوم الأول لإعادة فتح أبوابها أمام المستهلكين، وهو ما اعتبرته عدد من الأسرة المصرية فُرصة لالتقاط الأنفاس بعد شهور من المكوث داخل المنزل، خلال انتشار جائحة "كورونا" المستجد.
صلاح سيد اختصاصي اجتماعي بوزارة التربية والتعليم، اصطحب أطفاله الثلاثة إلى الخارج من أجل تلبية رغبتهم في تناول الغداء بأحد محال الكشري الشهيرة في مركز الفشن بمحافظة بني سويف.
قبل خوض التجربة، جلس الأب مع بناته للتأكيد على استخدام المطهر دائمًا خلال تواجدهم في الشارع، وعدم خلع الكمامة إلا أثناء تناول الطعام فقط، والانتباه لوجود مسافة كافية بينهم والآخرين في الطريق أو داخل المطعم- بحسب حديثه لموقع سكاي نيوز عربية- كما شاهد عملية تعقيم الطاولة التي جلسوا عليها من قِبل العمال.
بدا على وجوه الفتيات السعادة، بعد 3 أشهر من عدم النزول إلى الشارع، والشعور بالملل من عدم الذهاب إلى المدرسة والحضانة أو الامتناع عن الزيارات العائلية، لكنه حرص في الوقت نفسه على الإشراف على وضع الطعام لهم كما يوضح: "كان العامل يرتدي القفازات الطبية، والطعام داخل أطباق بلاستيكية لم تُستخدم من قِبل".