لا يزال الجدل بشأن إقصاء اللغة الأمازيغية من مشروع قانون بطاقة الهوية الإلكترونية الجديدة في المغرب، يلقي بظلاله على الحكومة والمعارضة البرلمانية.
كما اعتبرته المنظمات والجمعيات الأمازيغية خرقا لمقتضيات الدستور ومكونا أساسيا من الهوية المغربية.
ونفى أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، محمد زين الدين، لـ"سكاي نيوز عربية" أن يكون هناك أي خرق للدستور في مشروع قانون الحكومة المتعلق ببطاقة الهوية الإلكترونية، مشيرا إلى أن عملية إقصاء اللغة الأمازيغية مسألة صعبة، وأنها لن تكون بشكل آلي وإنما تقتضي التدرج وتتطلب موارد بشرية ومالية وتقنية مهمة لتنفيذها.
ودعا زين الدين الجمعيات والمنظمات الأمازيغية إلى عدم التركيز فقط على ما لم يتحقق، وإنما أيضا النظر إلى ما تحقق بشأن اللغة الأمازيغية مقارنة مع دول الجوار، ومن ضمن هذه المكتسبات ما جاء به دستور 2011 وما حرص عليه الملك محمد السادس في خطاباته، بالتأكيد على أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة إلى جانب اللغة العربية، وأحد المكونات الأساسية للهوية المغربية.
من جانبه، يرى رئيس المنظمة الأمازيغية "تماينوت"، عبد الله صبري، أن إقصاء اللغة الأمازيغية في مشروع قانون 20.04 المتعلق ببطاقة الهوية الإلكترونية، هو خرق واضح لمقتضيات الدستور المنصوص عليها في الفصل الخامس، وأيضا خرق للقانون التنظيمي والبرنامج الحكومي، وعزا تعليل هذا الإقصاء بالمشكل التقني ومشكل الترجمة، إلى أنه هروب إلى الأمام بخصوص تفعيل اللغة الأمازيغية.
واعتبر صبري، أن حسن النية والتدرج يقتضي إدخال جميع بيانات البطاقة الإلكترونية بالأمازيغية مثل العنوان وترك فقط الأسماء، التي يزعمون أن فيها مشكلا في ترجمتها إلى حروف "تيفيناغ"، مقترحا تعديل قانون الحالة المدنية بما يتماشى مع إدراج اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية واللغة اللاتينية.
وأكد أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لن يجد صعوبة في ترجمة أي شيء إلى الأمازيغية، بيد أن حروف "تيفيناغ" التي أقرها المعهد هي معتمدة بشكل رسمي داخل المغرب وتوزع على دول أخرى من بينها تونس والجزائر، وأن العديد من المؤسسات في شمال افريقيا تشتغل بحروف "تيفيناغ" المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
وبخصوص المذكرة، التي قدمتها التنسيقيات والمنظمات الأمازيغية للفرق البرلمانية، من أجل الترافع بشأن إقصاء الأمازيغية من بطاقة الهوية الإلكترونية، كشف صبري أنها لقيت تجاوبا من طرف بعض الأحزاب السياسية، وأن هناك أصواتا من داخل البرلمان دعت إلى سحب هذا القانون لأنه يتضمن خطأ فادحا في حق اللغة الأمازيغية وما جاء به الدستور.
يشار إلى أن فرق الأغلبية داخل لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، تمكنت، الخميس، من التصويت بالإجماع على طلب إحالة مشروع القانون المتعلق بالهوية الإلكترونية على الهيئات الدستورية المعنية.
وفي السياق، دعا صبري كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجنة المغربية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، التي سيحال عليها مشروع القانون لإبداء رأيها فيه، بتحمل مسؤوليتها فيما سيصدر عنها، مطالبا إياها بالانتصار لما جاء في مقتضيات الدستور والقوانين التنظيمية.
من جهة أخرى، أوضح عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أحمد بوكوس، أن مقاربة المعهد تنصب في إطار احترام وتفعيل مقتضيات الدستور، وتنزيل القانون التنظيمي 26.16، الذي يحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وتنص على تحرير البيانات المتضمنة في الوثائق الرسمية باللغة الأمازيغية ومنها بطاقة الهوية وجواز السفر، معتبرا أن توظيف الأمازيغية في هذه الوثائق من باب تفعيل الدستور ومقتضياته.
وقال بوكوس في حديثه مع "سكاي نيوز عربية": "مبدئيا مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسات السلطة التنفيذية ومؤسسات السلطة التشريعية، أولى بتفعيل مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي الذي له صلة بالموضوع".
وبشأن اتفاقية التعاون والشراكة لإدماج اللغة الأمازيغية في منظومة العدالة، الموقعة بين وزارة العدل والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وصفها بوكوس بأنها إنصاف للأمازيغيين، حيث يواكب المعهد الملكي بموجب هذه الاتفاقية وزارة العدل في انتقاء وتكوين الأطر المؤهلة في مجال الترجمة الكتابية والترجمة الفورية، وفي عملية ترجمة الوثائق والنصوص الإدارية والقانونية إلى الأمازيغية.
وحول ما إذا كان المعهد الملكي سيقوم بأي خطوة بالموازاة مع إقصاء اللغة الأمازيغية في بيانات بطاقة الهوية الإلكترونية، ضمن مشروع القانون الذي قدمته وزارة الداخلية وصادقت عليه الحكومة محيلة إياه على البرلمان، أكد بوكوس أن المعهد تربطه بوزارة الداخلية اتفاقية إطار، بموجبها يقدم المعهد رأيه واستشاراته، وأن باب المعهد مفتوح حين تطلب وزارة الداخلية استشارة من قبيل تدبير الترجمة لبطاقة الهوية الإلكترونية أو غيرها.
وأشار إلى أنه إذا كان الأمر يتعلق بالترجمة إلى الأمازيغية أو الكتابة بحروف "التيفيناغ"، فإن ذلك من صميم اختصاصاته، مشددا على أنه راكم من التجربة والممارسة ما يكفي ليقدم خبرته لجميع المؤسسات على أساس الجدية والمهنية.