أصدرت جامعة الدول العربية، الثلاثاء، مجموعة من القرارات المتعلقة بالأزمة الليبية، أهمها رفض التدخلات الخارجية، في خطوة صريحة تؤكد على أن الأمن القومي العربي يرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومي لليبيا، وأن تعامل العرب مع هذه الأزمة يشكل نقطة محورية في مستقبل المنطقة.
وأكد القرار الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية، على "أهمية الحل السياسي الشامل" للأزمة الليبية، مع التشديد على رفض كافة التدخلات الأجنبية غير الشرعية "أيا كان نوعها ومصدرها، التي تسهم في تسهيل انتقال المقاتلين المتطرفين إلى ليبيا".
ويأتي هذا الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، والقرارات الصادرة عنه، في ظل التدخلات المستمرة من تركيا في الأزمة الليبية، التي وصلت إلى حد دعم الميليشيات التابعة لحكومة فايز السراج في طرابلس، بالأسلحة والمرتزقة الذين نقلتهم من تركيا إلى ليبيا، للمشاركة في معارك ضد الجيش الليبي، والسيطرة على ثروات البلد الغني بالنفط والغاز الطبيعي.
واعتبر مدير مركز الأمة للدراسات الاستراتيجية محمد الأسمر، أن الأمة العربية تحاول اتخاذ موقف يحمي الأمن القومي العربي.
وأضاف لـ"سكاي نيوز عربية": "ما تتخذه الدول الفاعلة على حدة، مثل ما قامت به مصر من إجراءات بشأن ليبيا، وتضامن القوى العربية معها، يؤكد على سعي العرب للحفاظ على الأمن القومي العربي".
وأشار الأسمر إلى أن هذه "المرة الأولى منذ عقود، التي يتم فيها الحديث والتأكيد على حماية الأمن القومي العربي"، لافتا إلى أن القرارات الجديدة الصادرة عن الجامعة العربية "متناسقة" مع إعلان القاهرة، وتسعى للحفاظ على الأمن الليبي.
وقت مناسب
من جانبه، رأى أستاذ العلاقات الدولية، خطار أبو دياب، أن الإجماع العربي "جاء في الوقت المناسب"، قائلا: "لا يمكن سوى الدفاع عن الأمن القومي العربي في مثل هذه المرحلة".
واستطرد أبو دياب حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، قائلا: "هذا الأمر مهم جدا لمنع الإرهاب في ليبيا، ولمنع تحولها لبؤرة صراع إقليمي".
ونوه أستاذ العلاقات الدولية، إلى تصريحات الأمين العام لجامعة الدولي العربية أحمد أبو الغيط، التي اعتبر أنها تؤكد على "تصدي الدول العربية لتكرار السيناريو السوري في ليبيا، وتحويل سرت إلى إدلب"، مضيفا: "المساومة على أمن ليبيا وثرواتها هو مساومة على أمن دول الجوار".
"فضاء عربي مخترق"
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية، تاج الدين الحسيني، أن موقف الدول العربية مهم جدا، نظرا لأن "الفضاء العربي أصبح مخترقا من قبل كيانات إقليمية ودولية".
وتابع: "أصبحت قوى إقليمية أخرى من خارج الوطن العربي، مثل إيران وتركيا، تؤثر على عملية اتخاذ القرار في عدد من المواقع، وهذا الوضع أدى إلى تهاوي القدرة العربية على ممارسة اتخاذ القرار".
وشدد الحسيني على أن مقررات جامعة الدول العربية "تعيد الأمور إلى نصابها"، واستطرد موضحا: "ما حدث في ليبيا هو أمر ليبي داخلي، لكن عندما تراكمت عليه التدخلات من أكثر من جهة، طمعا في ثروات البلاد، أصبحنا نرى سفنا تنقل أسلحة من تركيا إلى ليبيا.. التي أصحبت ساحة حرب بين عدد من الجهات".
القرارات.. والتنفيذ
وفيما يتعلق بتنفيذ القرارات التي اتخذتها الجامعة العربية، الثلاثاء، قال الأسمر إن الأمر "مرتبط بالدرجة الأولى بوقف إطلاق النار وسحب القوى الأجنبية، وهو أمر مناط بحكومة الوفاق، مما يعني أنه مرتبط بالجانب التركي أيضا".
من جانبه، قال أبو دياب إن القرارات "تجدد التأكيد على كل القرارات الإقليمية والدولية المتصلة بالأزمة الليبية، مثل اتفاقي الصخيرات وبرلين، خاصة مع تأكيدها على منع التدخل الأجنبي، وأهمية الحل السياسي الشامل، الذي يتوجه لليبيين بكل فئاتهم".
وفي هذا الصدد، شدد أبو دياب على أنه تقع على حكومة السراج مسؤولية عدم جر البلاد إلى كارثة عبر استمرارها للسعي إلى الحسم العسكري، من خلال التدخل التركي، وهو الأمر الذي ترفضه الدول العربية بالإجماع، خاصة مع تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن الجفرة وسرت "خط أحمر".