تكشف تركيا بشكل متسارع عن أطماعها في ليبيا، والتي توضح أسباب تدخلها في الشؤون السياسية والعسكرية والاقتصادية لهذا البلد، من خلال تصريحات مسؤوليها، التي أظهرت آخرها رغبة أنقرة في استغلال الدمار الذي حل فيه، لإنعاش اقتصادها هي من خلال الاستثمارات واستغلال الموارد.
وقال مسؤول تركي كبير، الجمعة، إن تركيا مستعدة للبدء بخطى سريعة في "إعادة إعمار ليبيا"، وذلك بعد أن زار كبار مساعدي الرئيس رجب طيب أردوغان طرابلس هذا الأسبوع، لمناقشة "سبل التعاون" في مجالات الطاقة والبناء والأعمال المصرفية، على حد قوله.
وألقت تركيا بثقلها في الأزمة الليبية وتدخلت من خلال توقيع اتفاقيتين مع حكومة فايز السراج في طرابلس، إحداهما تتعلق بتعيين الحدود البحرية والتي تنتهك حقوق دول الجوار، والأخرى مهدت لتقديم الدعم العسكري للسراج، الذي جاء على شكل أسلحة تلقتها ميليشياته، ومرتزقة نقلتهم أنقرة من سوريا إلى ليبيا، بالإضافة إلى وجود مستشارين عسكريين أتراك هناك.
والأربعاء، اجتمع وفد تركي يضم وزيري الخارجية والمالية مع مسؤولين في حكومة طرابلس، لإجراء محادثات ادعت أنقرة أنها "تهدف إلى وضع نهاية للقتال"، إلا أن مسؤولا تركيا كشف عن "دوافع أنقرة الحقيقية".
وقال المسؤول لوكالة رويترز، طالبا عدم نشر اسمه، إنهم ناقشوا المدفوعات المستحقة للشركات التركية عن أعمال الطاقة والبناء السابقة في ليبيا، بالإضافة إلى "السبل التي يمكن لتركيا أن تساعد من خلالها في استكشاف الطاقة والعمليات المتعلقة بها"، في إشارة إلى استغلال أنقرة لموارد الشعب الليبي.
وأوضح أن ذلك يشمل "التعاون في كل مشروع يمكن تصوره"، وفقا لرويترز.
فرصة "الدمار"
وتابع: "حل الدمار بمناطق كثيرة من البلاد، وهناك حاجة ماسة إلى البنى الأساسية. الشركات التركية في وضع يسمح لها بالبدء في مثل هذه الأعمال بسرعة".
وقبل أن تلقي تركيا بثقلها رسميا وراء حكومة السراج في نوفمبر، كانت شركات البناء التركية تعمل بالفعل في مشاريع بليبيا.
وقال مسؤول في القطاع في يناير، إن حجم الأعمال التركية المتعاقد عليها في ليبيا يبلغ 16 مليار دولار، بما في ذلك ما بين 400 و500 مليون دولار في مشاريع لم تبدأ بعد.
وأضاف المسؤول أن شركة الكهرباء التركية "كارادينيز باور" قد تستخدم سفنها "للتخفيف عن بعد من حدة نقص الكهرباء في ليبيا"، مما يزيد من حجم الاستثمارات والأرباح التي تحققها تركيا من خلال أموال الشعب الليبي.
وقال مصدر تركي آخر، إن أنقرة وحكومة السراج ناقشتا أيضا إرسال مستشارين أتراك إلى طرابلس، "للمساعدة في إعادة بناء منظومتها المصرفية"، لتحكم بذلك أنقرة قبضتها أكثر فأكثر على اقتصاد ليبيا.
وقال وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، الخميس، لقناة (سي.إن.إن ترك)، إن قسما من المحادثات "يتركز على عودة الشركات التركية إلى ليبيا بعد انتهاء الصراع".
وخلال اللقاء، ضرب تشاووش أوغلو عرض الحائط بالقوانين الدولية، بالقول إن بلاده قد توسع نطاق تعاونها العسكري مع حكومة السراج.
تأتي هذه الأحداث، بالرغم من أن حكومة السراج والجيش الوطني الليبي، استأنفا محادثات لوقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة.