تتوالى الفضائح التي تلاحق ملف "مونديال 2022"، وآخرها اتهام منظمة العفو الدولية السلطات القطرية بعدم الاستجابة للنداءات المتكررة بصرف أجور العمال في منشآت بطولة كأس العالم لكرة القدم.
وقالت منظمة العفو الدولية، الخميس، إن العاملين في شركة "قطر ميتا كوتس" ظلوا شهورا بلا أجور، في واقعة تبرز عدم كفاية معايير رعاية العمال في قطر.
وفي تقرير لها، قالت المنظمة الدولية إن حوالي 100 عامل بشركة "قطر ميتا كوتس" ظلوا فترة تصل إلى سبعة أشهر بلا أجور، ولا يزال لهم مستحقات لم تصرف.
وأشارت إلى أن الشركة القطرية لم تجدد تصاريح الإقامة لمعظم العمال وهي ضرورية لعمل الوافدين في قطر.
ونقل التقرير عن عمال حاورتهم المنظمة قولهم إنهم دفعوا رسوما تتراوح بين 900 دولار و2000 دولار لوكلاء التوظيف في بلادهم للحصول على هذا العمل.
ولا يعد تقرير العفو الدولية الذين يدين انتهاكات قطر لحقوق العمال الأول من نوعه، حيث سبق أن أشارت إحصائيات إلى أن 1200 عامل لقوا حتفهم خلال عملهم من أجل تشييد 8 ملاعب فخمة لكأس العالم المقرر تنظيمه عام 2022 في قطر.
وطبقا للأرقام، يتوقع اتحاد النقابات الدولي أن يصل عدد ضحايا العمل في إنشاءات المونديال القطري إلى 4 آلاف قبل أن يطلق حكم مباراة الافتتاح صافرته ليستمتع الملايين في العالم بأداء لاعبي كرة القدم بعد حفل سيتكلف المليارات.
ويعد تقرير اتحاد النقابات الدولي أكثر تفاؤلا، حيث بنى تقديراته على معلومات من سفارتي الهند ونيبال قبل استكمال 50 في المئة من المشاريع الإنشائية، لكن تقارير أخرى اعتمدت على بيانات أشمل تضمنت مختلف جنسيات العمال قدرت الوفيات المتوقعة إذا استمر استغلال العمال في قطر بنحو 7 آلاف وفاة، بحسب مبادرة "بلاي فير قطر"، التي تدعو إلى سحب تنظيم المونديال من الدوحة بسبب الانتهاكات.
وتقول الحكومة النيبالية إن 1426 من مواطنيها لقوا حتفهم في قطر منذ منحها كأس العالم في عام 2010.
وتوفي بعض هؤلاء العمال في حوادث خلال العمل، بينما لقي آخرون حتفهم بسبب الحرارة المرتفعة حيث يعملون في درجات حرارة تتجاوز 45 درجة.
وفي تقرير لهيومن رايتس ووتش، نشر العام الماضي، قالت المنظمة: "يخضع العمال الوافدون في قطر لنظام عمل استغلالي يعرضهم لخطر العمل الجبري، إذ يحاصرهم في ظروف عمل تهدد حقوقهم في الأجور العادلة والأجر الإضافي والسكن اللائق وحرية التنقل والقدرة على اللجوء إلى العدالة".
وأشار التقرير أيضا إلى المصادرات الشائعة لجوازات سفر العمال من قبل أصحاب العمل، والديون المترتبة على العمال الوافدين جراء سداد رسوم استقدامهم، وحظر انضمام العمال الوافدين إلى النقابات والإضرابات، مما يعرضهم لخطر الانتهاكات.
وكانت العاصمة القطرية الدوحة قد شهدت الشهر الماضي تظاهرة، نظمها عمال احتجاجا على عدم حصولهم على أجورهم.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر من مائة شخص يسدون طريقا رئيسيا بمنطقة مشيرب في العاصمة القطرية، وهم يصفقون ويرددون شعارات أمام عناصر من الشرطة.
من جانبها قالت وزارة العمل القطرية في بيان، إنه "ردا على تأخر الرواتب، نظم عدد قليل من العمال الأجانب احتجاجا سلميا في منطقة مشيرب في 22 مايو".
وادعت الوزارة أنه "بعد تحقيق فوري فإنها اتخذت خطوات لضمان دفع جميع الرواتب على الفور في الأيام المقبلة"، حسب ما ذكرت وكالة فرانس برس.
واعتبر الكاتب الاقتصادي السعودي محمد البيشي، أن تخلّف الدوحة عن دفع رواتب العمال في منشآت كأس العالم، لا يرجع إلى معاناة اقتصادها من تداعيات تفشي جائحة كورونا فحسب، مشيرا إلى معاناة قطر ماليا منذ بدء عملها على تلك المشاريع الخاصة باستضافة الحدث العالمي.
وفي حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال البيشي إن "ملف قطر فيما يتعلق بحقوق الإنسان بات معروفا بالنسبة للجميع. كما أن الدوحة عاجزة عن إدارة مشاريع عملاقة مثل تلك الخاصة بكأس العالم دون مساعدة جيرانها الذين قاطعوا قطر لتماديها في دعم الإرهاب".
وأوضح البيشي أن تقرير منظمة العفو الدولية الأخير "يثبت أن قطر تعاني أزمة سيولة بعد أن استنفذت مواردها المالية على مدار ثلاثة أعوام في دعم الإرهاب واقتصاديات بعض الدول مثل تركيا، كما أن تراجع أسعار الغاز على نحو كبير مؤخرا جعل الدوحة تستدين من الأسواق العالمية ما يقارب الـ10 مليارات دولار".
وشدّد البيشي على أن تشبث قطر بممارساتها سينعكس عليها من الداخل وخصوصا إن استمرت في انتهاكاتها لحقوق العمال، وتجاهل حماية أجورهم.
وبدوره قال الكاتب البحريني عبد الله جنيد، إن قطر تعاني من تراجع إيرادات الغاز بسبب عدم تجديد العقود طويلة الأجل وخصوصا مع كبار المشترين في جنوب شرق آسيا، لوجود موردين جدد أقرب لتلك الأسواق.
وأضاف جنيد في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، بأن الحكومة القطرية وجهت السيولة التي لديها لتعويم سوق المال والمصارف، الأمر الذي حرم قطاع التشييد من الأموال للاستمرار في دفع رواتب العمال.
واختتم جنيد حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" بالقول إن غياب أدوات الرقابة والمحاسبة وتفشي الفساد الإداري في قطر، قد يدفع المجتمع الدولي لتبني موقف قانوني لرفع المعاناة عن العاملين في ذلك البلد.
عبودية حديثة
ووصف مارتن صامويل الكاتب الإنجليزي الشهير بصحيفة "ديلي ميل"، الجمعة، ما تفعله السلطات القطرية بالعاملين في بناء ملعب "البيت" الذي ستقام فيه بعض مباريات كأس العالم لعام 2022 بـ"العبودية الحديثة".
وأشار إلى إن العمال لم يتقاضوا أجورهم منذ شهور، ويعملون في درجات حرارة مرتفعة للغاية، وفي ظل ظروف خطيرة حيت انتشار وباء كورونا.
ويقول الكاتب الإنجليزي إن منظمي كأس العالم على علم، منذ يوليو الماضي، بتأخير شركة "قطر ميتا كوتس" في دفع رواتب العاملين.
ومضى يقول: "لم يتلق العديد من العمال الوافدين في شركة قطر ميتا كوتس أي أجر على الإطلاق بين سبتمبر 2019 ومارس 2020. بينما تلقى العمال الذين لجأوا إلى محكمة العمل في يناير وعودا لم يتم الوفاء بها".
فيما أُخبر آخرون بأن الأجور المستحقة مشروطة بإنهاء العقود في وقت مبكر والعودة إلى دولهم، والذين اعترضوا على ذلك مُنعوا من العمل، حسبما قال صامويل.