تمر خارطة طريق إسرائيلي جديد عبر حي عربي هادئ يقطنه أناس متوسطو الحال، ليربط بين كتلة ضخمة من المستوطنات اليهودية في المدينة ما يزيد الأوضاع توترا.
وظهرت أنباء المشروع الجديد خلال موجة نشاط مفاجئ في عمليات بناء المستوطنات في القدس الشرقية، التي يؤكد الفلسطينيون حقهم فيها لتكون عاصمة دولتهم في المستقبل.
وتتباين الآراء حول الطريق السريع الجديد، ففي وقت يقول مسؤولو المدينة إن الطريق يهدف خدمة الجميع، يعتبر منتقدو المشروع أنه جزء من مخطط ضخم يشمل بناء آلاف المساكن لتعزيز سيطرة إسرائيل على المنطقة وقطع الصلة بين المدينة المقدسة وأي دولة فلسطينية في المستقبل.
وتؤكد أفيف تاتارسكي، من منظمة "إير اميم" وهي منظمة معنية بالمطالبة بمعاملة عرب ويهود القدس بدون تمييز، أن المشروع، الذي لا يتجاوز طوله 4 كيلومترات وسوف يكمل ممرا يربط بين الشمال والجنوب عبر المدينة، سيغير جغرافية وديمغرافية (المكان) بطريقة سيكون تحقيق حل الدولتين في ظلها أمرا بالغ الصعوبة.
كما سيربط الطريق بين اثنين من أكثر طرق إسرائيل إثارة للجدل والخلاف، وسيوفر ليهود إسرائيل الذين يعيشون في الضفة الغربية جنوبا وسيلة وصول سريعة ومختصرة للقدس وأيضا لمدينة تل أبيب الساحلية.
وبدأ العمال الإسرائيليون بالتحرك داخل حي بيت صفافا العربي جنوب شرقي القدس، وباشروا بناء قطاع طوله كيلومتر ونصف عبر الحي.
ويؤكد مسؤولو المدينة أن هذا الامتداد سوف يسهل عمليات التنقل بالنسبة للعرب ولليهود على السواء، معتبرين أنه ليس بمقدورهم وقف تطوير البنية التحتية انتظارا لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي القديم.
وترجح نائب رئيس بلدية القدس، ناعومي تسور، أنه حتى في حال تقسيم القدس لإقامة عاصمتين، واحدة لإسرائيل وأخرى لدولة فلسطين المستقبلية، فإن شبكات الطرق ستكون مشتركة بين الاثنتين.
ويعتبر سكان بيت صفافا أن المشروع يدمر مجتمعهم إذ يفصل آلاف السكان عن قلب الحي، حيث المدارس والمراكز الطبية، كما أنه سيزيل ما تبقى من آثار ماضيها الزراعي القديم.
وكاحتجاج على مشروع الطريق الجديد أقام السكان مخيمات على قطاعات الطريق احتجاجا، ورفعوا لافتات غضب أمام الرافعات التي تحفر الأرض، كما التقوا بمسؤولي البلدية، وقدموا طلبات لمحكمة إسرائيل العليا لتحويل الطريق السريع إلى نفق تحت الأرض.
ويتضمن المشروع ردم 180 مترا من طريق بيت صفافا وبناء متنزهات عليها، كما وعد المخططون بتثبيت نوافذ عازلة للصوت للمنازل القريبة وبناء جسور للسيارات والمارة للربط بين الأحياء.
لكن القضية الأساسية تبقى سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية، الأراضي التي احتلتها بعد حرب 1967.
حيث ضمت إسرائيل القدس الشرقية وأراضي الضفة الغربية المحيطة لحدود بلدية المدينة بعد الحرب زاعمة أن المدينة بأسرها هي عاصمتها.
بيد أن معظم دول العالم لا تعترف بتلك الخطوة.
ويسعى الفلسطينيون لضم تلك المناطق لدولتهم المستقبلية بالإضافة إلى أجزاء من القدس كعاصمة.
ولا تزال مزاعم السيادة على القدس الشرقية، التي تضم مواقع مقدسة لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين، من كلا الطرفين، واحدة من أكثر الملفات المطروحة في محادثات السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، والتي كثيرا ما تؤدي إلى نوبات عنف دورية.
ويبدو أن مشروع الطريق الإسرائيلي السريع هذا جزء من مخطط أضخم للقدس.
فالقطاع الأخير من طريق بيغن السريع، تيمنا باسم رئيس الوزراء الراحل مناحيم بيغن، يبدو حيويا لتعزيز سيطرة إسرائيل.
المشروع الذي يرجع تاريخ التفكير فيه لعقود مضت سوف يربط الطريق 60، وهو طريق عام يصل إلى مستوطنات الضفة الغربية جنوب شرقي القدس، بالطريق رقم 443 وهو طريق سريع يربط بين القدس وتل أبيب.