على وقع ضجيج القتال الدائر في الغرب الليبي، بين قوات الجيش الوطني وميليشيات مدعومة بمقاتلين أجانب، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان تفاصيل جديدة عن طريقة تجنيد المرتزقة السوريين الذين ترسلهم أنقرة للقتال في صفوف متطرفي طرابلس.
وكشف المرصد كيف تغرر الفصائل الموالية لتركيا بالمواطنين السوريين، وتستغل فقرهم ونزوحهم لإغوائهم للقتال تحت العباءة التركية إلى جانب ميليشيات حكومة طرابلس.
وأشار المرصد إلى "سماسرة" يتكسبون من تنظيم "رحلات المرتزقة" إلى ليبيا، كل حسب الأعداد التي ينجح في استقطابها.
ووفقا لمصادر ميدانية، يوجد في محافظتي إدلب وحلب العشرات من السماسرة، مهمتهم الترويج للقتال في ليبيا بإغراء الشباب بالمرتبات الشهرية تارة، وإقناعهم بفتاوى علماء المسلمين التي تشرع الوقوف مع تركيا "البلد الإسلامي" تارة أخرى.
وأكدت مصادر المرصد أن السمسار يحصل على 100 دولار أميركي من كل مقاتل، كما يتقاضى عمولة لم تحدد قيمتها من "مكاتب استقطاب المرتزقة" التابعة للفصائل الموالية لتركيا في شمال حلب.
كما يتم تطويع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، شريطة أن يكون الطفل متدربا على القتال وسبق أن شارك في معارك.
ونشرت صحيفة "غارديان" البريطانية تصريحات لشاب سوري يقاتل في صفوف ميليشيات طرابلس يدعى وائل عمرو، يبلغ من العمر 22 عاما، تنم عن عدم معرفته بطبيعة المهمة التي أرسل إليها.
وكانت أول مرة يستقل بها عمرو طائرة عندما سافر من تركيا إلى ليبيا، بعدما نقلته فصائل موالية لأنقرة من إدلب إلى الداخل التركي.
وقال عمرو: "أخبروني أنني سأكون في صفوف الدعم أو الوحدات الطبية أعمل من أجل مبلغ جيد، لكن القتال هنا أسوأ من أي قتال شهدته في سوريا. إنها معارك في شوارع ضيقة".
وتابعت الصحيفة نقلا عن المسلح: "بعض السوريين هنا من أجل المال، يعتقدون أنهم يساندون الليبيين في وجه الظلم، لكن شخصيا لا أعرف حقيقة، لماذا أرسلت تركيا مقاتلي المعارضة السورية للحرب في ليبيا. لم أكن أعرف أي شيء عن هذا البلد سوى الثورة ضد حكم القذافي".
وعمرو واحد من بين نحو 10 آلاف سوري، نقلتهم تركيا بالطائرات إلى طرابلس ومدن الغرب الليبي، ورمتهم في نار الحرب مع الجيش الوطني الليبي الساعي إلى تخليص المنطقة من الميليشيات المتشددة.
ووثق المرصد السوري ارتفاع حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا من جراء العمليات العسكرية في ليبيا، إلى 318 مقاتلا بينهم 18 دون سن الـ18، كما أن من ضمن القتلى قادة مجموعات ضمن تلك الفصائل.
وقتل هؤلاء المسلحون خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوبي طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس، ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة لمعارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.
واعتبر مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، أن "من ذهب للقتال في ليبيا، ذهب للدفاع عن أردوغان سيدهم وقائدهم وفي سبيل الارتزاق، ولا علاقة له بأبناء الشعب السوري".
وأشار عبد الرحمن إلى إلقاء القبض على قيادي في الفصائل الموالية لتركيا من قبل الجيش الوطني الليبي، وأشار إلى أنه ينتمي إلى "فيلق الشام" جناح الإخوان في سوريا، وفي عام 2014 كان مؤيدا لتنظيم "داعش" عندما كان يسيطر على أجزاء واسعة من الأراضي السورية.
وتابع: "مجموعات من فرقة السلطان مراد (إحدى الفصائل الموالية لتركيا) ذهبت إلى ذوي طفل كردي في عفرين، بعد أن تم تجنيده للقتال في ليبيا وقتل في وقت لاحق ضمن صفوف المرتزقة، وهددوهم في حال لم يخرجوا على الإعلام التركي وينفون هذه المعلومة بطردهم من منزلهم وطرد العائلة من عفرين".
وقال عبد الرحمن إن "أردوغان راع للإرهاب، وهو من سمح سابقا بإدخال عشرات آلاف المسلحين إلى الأراضي السورية، وساهم بتدمير ثورة الشعب السوري من أجل تحقيق أحلامه ومطامعه".
وأضاف أن "تركيا تريد الخلاص من المرتزقة الذين ارتكبوا الانتهاكات بحق أبناء الشعب السوري في مناطق الاحتلال التركي، من خلال إرسالهم إلى طرابلس، وتريد أن تحتل تلك المناطق وترسل مرتزقتها للقتال في ليبيا".