مع تصاعد المخاوف من انتشار فيروس كورونا في السودان، ازدادت درجة حرارة المبادرات الإبداعية والمجتمعية، وتحولت معظم دور الأحزاب والأندية الاجتماعية في الأحياء وغيرها من الهيئات والمؤسسات إلى حاضنات لعدد من المبادرات الشبابية التي تصب جميعها في اتجاه التصدي للوباء بشتى الوسائل والسبل.
وبدا أن واحدا من الدروس المستفادة من جائحة كورونا الحالية، تغير النمط التقليدي للأحزاب السياسية، فبعد نحو عام واحد على إطاحة نظام عمر البشير في أبريل 2019، أجبرت الأزمة عددا من الأحزاب السياسية السودانية على تعديل خططها وتوجهاتها، ولو مرحليا، والتركيز أكثر على مواجهة التحدي العالمي للفيروس في ظل الدمار الكبير الذي لحق بقطاع الصحة خلال السنوات الثلاثين الماضية.
وفي إطار حملات الدعم التي تنظمها عدد من الأحزاب السياسية، امتلأت قاعات ومكاتب المركز الرئيسي لحزب المؤتمر السوداني في منطقة العمارات بوسط الخرطوم، بمجموعة من الكوادر الصحية الشبابية من الجنسين، بعضهم يعمل على تركيب وتعبئة معقمات ومنظفات والبعض الآخر يجهز ملصقات ومطبوعات توعوية استعدادا لتوزيعها في المستشفيات والأماكن العامة في كافة مدن ومناطق البلاد.
ويوضح محمد علي شقدي أمين القطاعات بحزب المؤتمر السوداني، أن حزبه كغيره من الأحزاب والهيئات يعمل تحت مظلة خطة الطوارئ الوطنية وبناء على موجهات وزارة الصحة، من أجل ضمان التصدي للجائحة وتقليص خسائرها.
عمل دؤوب
على مدار ساعات اليوم، يتجول متطوعون تابعون لمبادرة "شارع الحوادث" في عدد من المستشفيات الرئيسية ومراكز الحجر الصحي في الخرطوم وعدد من المدن والمناطق الأخرى، للمساعدة في سد النقص في السترات الواقية والقفازات وكمامات الوجه والمعقمات، وكل ما من شأنه أن يضمن سلامة الطواقم الطبية العاملة في الخطوط الأمامية للتصدي لفيروس كورونا.
وتقول الطبيبة إسراء عثمان مسؤولة المكتب الطبي في المبادرة التي ظلت لسنوات طويلة تقدم العون للمرضى غير القادرين على تحمل الإعباء المالية للعلاج، إن الظروف الحالية تتطلب مشاركة جميع منظمات وشرائح المجتمع المدني في دعم الجهود الوطنية الرامية للتصدي للمرض.
وتشير إسراء إلى أن مبادرة "شارع الحوادث" تعمل وفقا لموجهات وخطة وزارة الصحة لمكافحة جائحة كورونا، وذلك من خلال المساعدة في تجهيز مراكز العزل وتوفير الإمكانيات اللازمة لها، وتزويد المستشفيات وغرف الطوارئ بأدوات تشغيل أجهزة التنفس.
الحاجة أم الاختراع
ما يحدث في السودان حاليا ينطبق تماما على المقولة الشائعة التي تشير إلى أن الحاجة أم الاختراع، إذ بات من الطبيعي أن يطلب منك سائق "توكتوك" تعقيم يديك من جهاز صنعه بطريقة مبدعة وثبته في مركبته وكأنه جزء أصيل منها.
وشهدت الأيام الماضية العديد من المبادرات التي ربما تؤسس لواقع جديد، يمكن الناس من التعايش مع أي أوضاع مشابهة في المستقبل.
وامتلأت وسائط التواصل الاجتماعي بالحديث عن اختراعات لتصنيع مغاسل أيادي وماكينات تعقيم إلكترونية، وغيرها من الأجهزة التي تكرس لثقافة التعامل مع الفيروسات والأجسام المعدية بطريقة إبداعية لافتة.