لو صدق رجب طيب أردوغان، فإن تركيا تكون قد خسرت "نصف عدد جنودها" في ليبيا، فمع سقوط المزيد من الضباط الأتراك، كما كشف الجيش الليبي، يصل العدد إلى 16 قتيلا من أصل 35 قال أردوغان إنه أرسلهم كمستشارين لحكومة فايز السراج.
الرقم أعلنه، الأحد، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي، العميد خالد المحجوب، مؤكدا مقتل 16 عسكريا تركيا ممن يشاركون بالعمليات في ليبيا، بالإضافة إلى 105 من المرتزقة الذين جاءت بهم تركيا.
وكان أردوغان قال في يناير الماضي إن تركيا أرسلت 35 جنديا فقط إلى ليبيا دعما لحكومة طرابلس، وزعم أنهم لن يشاركوا في المعارك.
وكشف المحجوب لـ"سكاي نيوز عربية"، إن المستشارين والضباط الأتراك، الذين كانوا يقودون طائرات مسيرة، يتواجدون في أكثر من موقع في مصراتة وسرت وغيرها، مشيرا إلى أن الجيش الليبي استهدفهم في أكثر من موقع، خصوصا عندما استهدف غرف عمليات الطائرات المسيرة ودمرها.
وأوضح المحجوب أن "تأخر الأتراك في الإعلان عن مقتل ضباطهم وجنودهم، يؤكد أن الضربات التي وجهت لهم، تتعلق بمواقع العمليات العسكرية".
كما أشار إلى أن القوات التركية في طرابلس تقود العمليات ضمن محاور المعارك، موضحا أن الجيش الليبي استهدف مجموعة منهم عند دخولهم إلى العاصمة نحو معسكر الفلاح. وأكد أن المجموعة تضمنت مستشارين مهمين ممن يقودون غرف عمليات في سرت ومصراتة.
ومع تنامي الخسائر البشرية لم يعد الرئيس التركي، قادرا على الإنكار، فاعترف بوقوع قتلى في ليبيا من دون تحديد العدد، ربما خوفا من الحرج، ولكنه لم ينس تذكير الأتراك بالإرث العثماني الذي ذهب إلى طرابلس ليحييه، لعل ذلك ينسيهم مجزرة طائراتهم المسيرة التي يفتخر الجيش التركي بها وهي تتساقط بنيران الليبيين.
هذا فضلا عن السفن والمدرعات التي لا تلحق أن تطأ الأرض حتى تحترق، أما المرتزقة الذين كان أردوغان يعول عليهم، فإنه بالتأكيد لن يهتم بـ105 قتلوا منهم حتى اليوم، إلا عندما يطالب بفواتير تعويض الوفاة لكل منهم، التي تصل بحسب الاتفاق مع ميليشيات طرابلس إلى 35 ألف دولار أميركي لقاء كل مرتزق قتيل.
وما يزيد من بلة طين السياسة التركية في ليبيا، التسريبات الواردة عن فرار أعداد كبيرة من المرتزقة نحو أوروبا بقوارب المهربين، خاصة أنهم أدركوا زجهم في مستنقع لا مفر منه، فإما الموت أو الأسر.
مليون و700 ألف كيلومتر مربع، صحراء وشواطئ ممتدة وجبال وقبائل، ضعف مساحة تركيا مرة ونصف، ينتشر في معظمها الجيش الوطني الليبي من أبناء البلد أنفسهم، كل هذه المعطيات توحي بأن الجيش التركي، تورط في رمال ليبيا المتحركة، التي تحتاج جيوشا محترفة ومدربة للتعاطي مع الجغرافيا العسكرية المعقدة هناك، فما بالك ببضع آلاف من خليط المرتزقة والجنود الذين حملتهم الطائرات والسفن ورمتهم على جبهات مجهولة لا يعرفون شعابها.