يسيطر الجمود على مفاوضات السلام السودانية التي تستضيفها جوبا، عاصمة جنوب السودان، منذ العاشر من ديسمبر الماضي، الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن ما ستؤول إليه في النهاية.
والجمعة الماضية، وقعت الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، اتفاقا أوليا، حول ترتيبات سياسية وأمنية، الأمر الذي من المفترض أن يمهد الطريق في نهاية المطاف لاتفاق مصالحة عبر محادثات مستمرة بين الجانبين.
وكان ياسر عرمان، نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، قد قال إن الاتفاق يهدف إلى توحيد جميع الميليشيات المختلفة والقوات الحكومية التي تخوض الصراعات المتعددة في السودان في جيش واحد.
لكن محللين للمشهد يرون أن غياب الدعم الدولي للعملية السلمية، إضافة إلى عدم وجود رؤية واضحة للترتيبات الأمنية التي تشمل دمج وتسريح قوات الحركات المسلحة من الأسباب التي تعقد المشهد التفاوضي.
ويجري وفد من لجنة الوساطة، برئاسة توت قلواك، مستشار رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير مياردير، مشاورات في العاصمة السودانية الخرطوم مع رئيسي مجلسي السيادة والوزراء وقوى الحرية والتغيير من أجل الوصول إلى صيغة تدفع العملية السلمية إلى الأمام.
وكان مجلس السيادة الحاكم في السودان استأنف محادثات السلام مع الحركات المسلحة في أكتوبر الماضي، لإنهاء صراعات مستمرة منذ سنوات، بعد تشكيل حكومة انتقالية عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاما.
عقبة الانقسامات
ويقول المحلل العسكري الاستراتيجي أمين إسماعيل مجذوب لموقع سكاي نيوز عربية، إن تعدد المنابر والانقسامات داخل الكتل والمجموعات المختلفة، إضافة إلى تعدد المسارات، هي أبرز العوائق التي تقف أمام تقدم العملية السلمية.
ويشترط مجذوب ضرورة توحيد الأجسام المتفاوضة، وإنهاء حالة التشرذم الحالية، لتمهيد الطريق أمام إنجاح عملية التفاوض، مع العمل على وضع آلية فاعلة وقابلة للتحقق في الجوانب المتعلقة بدمج أو تسريح القوات التابعة للحركات المسلحة.
خلل منهجي
وفي ذات السياق يشير أشرف عبد العزيز رئيس تحرير جريدة الجريدة إلى وجود خلل منهجي يتعلق بتعدد المسارات، مما أدى إلى إعاقة التقدم، وأربك كافة المسارات.
ويرى عبد العزيز أن عدم وجود دعم دولي كافي للوساطة أعاق سير المفاوضات أيضا. ويضيف "لا بد من تغيير المنهجية الحالية ومعالجة كافة أوجه الخلل، وفي مقدمتها عدم وجود رؤية موحدة للجبهة الثورية من جهة وقوى الحرية والتغيير من الجهة الأخرى".
ويشدد عبد العزيز على ضرورة إبعاد المفاوضات عن المحاصصة، والتمسك بالأجندة الوطنية، لكنه وفي نفس الوقت يقول إن زيارات رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لكل من كلودا ودارفور يمكن أن تفتح الباب أمام بناء جسور الثقة، خصوصا أن سكان المنطقتين ظلوا في عزلة منذ اندلاع الحرب.
مائدة مستديرة
ويرى المحلل السياسي مأمون الباقر خللا في الآلية الحالية التي لم تفض لنتائج ملموسة خلال جولات المفاوضات التي انعقدت في جوبا مؤخرا.
ويشدد الباقر على ضرورة عقد مؤتمر مائدة مستديرة تستوعب جميع الأطراف وتطرح فيها كافة قضايا الحرب والسلام في البلاد، مع ضرورة أن تأتي كافة الأطراف إلى المؤتمر بقلب مفتوح وبدون شروط مسبقة بحيث تعالج مجمل القضايا، وفقا لما نصت عليه الوثيقة الدستورية، وانسجاما مع شعارات الحرية والعدالة والسلام التي رفعتها ثورة ديسمبر.
وقال الباقر إن تعدد المسارات، وتشعب القضايا، قادا إلى الجمود الحالي، إضافة إلى إقحام قضايا هي في الأساس من صلب عمل الحكومة، وقامت الثورة أصلا من أجلها مثل التنمية المتوازنة وأراضي مشروع الجزيرة ومشكلات شمال السودان التي تتشابه مع المشكلات التي تعاني منها مناطق السودان كافة.