في الوقت الذي يسعى فيه الفرقاء الليبيون والمجتمع الدولي إلى التوصل إلى حل للأزمة الليبية، من خلال مؤتمر برلين، كشفت تقارير نقلا عن ناشطين، عن وصول دفعات جديدة من المرتزقة الذين أرسلهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى ليبيا، مما يثير التساؤلات أكثر فأكثر بشأن طبيعة هؤلاء المرتزقة، ودوافع تركيا.
وكان رئيس حكومة طرابلس فايز السراج، وأردوغان، قد خالفا القوانين الدولية وأبرما مذكرتي تفاهم من شقين، الأول خاص بتعيين الحدود البحرية، ينتهك حقوق دول الجوار، والثاني يتعلق بالمسائل الأمنية والعسكرية، مما مهد لوجود تركي عسكري على الأراضي الليبية.
وبفضل المذكرة الأخيرة، بدأ أردوغان في إرسال مرتزقة إلى ليبيا لدعم حكومة السراج، في معاركها ضد الجيش الوطني الليبي المدعوم من الشعب والبرلمان المنتخب.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة، أن دفعة جديدة من المسلحين الذين ترسلهم تركيا من سوريا إلى ليبيا لدعم ميليشيات طرابلس.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ"سكاي نيوز عربية"، إن 260 مرتزقا من الفصائل المسلحة السورية وصلوا إلى العاصمة الليبية فجر الجمعة، ليصبح العدد الإجمالي لـمرتزقة أردوغان في ليبيا إلى نحو ألفي مسلح.
ويأتي وصول هذه الدفعة قبل أقل من يومين على انعقاد المؤتمر الذي يقام في العاصمة الألمانية برلين بمشاركة أطراف ليبية ودولية، في محاولة لإنهاء الازمة الدائرة في ليبيا.
من هم مرتزقة تركيا في لبييا؟
ومع توافد هؤلاء المسلحين، بدأت الصورة تتضح أكثر فأكثر، إذ كشفت طبيعة هؤلاء المرتزقة عن نوايا الرئيس التركي تجاه ليبيا، والمنطقة ككل.
وأوضح الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، ماهر فرغلي، أن هؤلاء المرتزقة ينتمون لـ3 جهات، هي ما يسمى بـ"الجيش السوري الحر" المدعوم من تركيا، وتنظيمي القاعدة وداعش المتطرفين.
وقال فرغلي لموقع "سكاي نيوز عربية": "اختار أردوغان هؤلاء المتشددين بالذات، ليتخلص من وجود الجماعات التي ينتمون إليها، خاصة داعش، من المناطق القريبة من حدود بلاده، كونهم يتسببون في مشكلات مع كل من روسيا والنظام السوري، ويهددون أمن تركيا".
وفي الوقت نفسه، سيتمكن أردوغان من تحقيق أهدافه في ليبيا، من خلال دعم حكومة طرابلس التي تتعرض لهزائم متلاحقة على يد الجيش الليبي، بحسب فرغلي.
ورقة ضغط على مصر
وأضاف الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية: "الهدف الآخر الذي يسعى الرئيس التركي لتحقيقه عبر أولئك المسلحين، هو استخدامهم كورقة ضغط على مصر".
وأشار إلى أن هناك "الكثير من الخلافات المحورية بين أردوغان والدولة المصرية، أهمها دعمه لجماعة الإخوان الإرهابية، وتنقيبه المستمر عن الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط بصورة غير شرعية".
واستطرد قائلا: "نقل المسلحين إلى ليبيا يمس بالأمن القومي المصري، خاصة إذا اقتربوا من الحدود المصرية الليبية".
أوروبا في مواجهة "الخطر الأكبر"
وأوضح فرغلي في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن الخطر الأكبر من مرتزقة أردوغان سيكون في مواجهة أوروبا، قائلا: "من السهل جدا الانتقال من حدود ليبيا المطلة على البحر المتوسط إلى أوروبا، مما يعني أنها قد تكون بوابة الدواعش إلى هناك".
الجدير بالذكر، أن دول أوروبا مدركة تماما لفداحة هذا الخطر، وهذا هو ما يدفعهم إلى السعي بجهد للوصول إلى حل حازم للأزمة الليبية من خلال مؤتمر برلين، بحسب فرغلي.
ولا يقتصر ذلك الخطر على مصر وأوروبا فحسب، وإنما على دول شمال إفريقيا أيضا، تحديدا تونس والجزائر المجاورتين.
وهنا نوه فرغلي إلى أن أردوغان يستغل بكل جهد ورقة "الإسلام السياسي" لتحقيق أهدافه التوسعية في المنطقة، وقال: "أردوغان يستخدم تيارات الإسلام السياسي والجماعات المتشددة كالإخوان والقاعدة وداعش، كورقة في يده يضغط بها على جهات ودول مختلفة لتحقيق أهدافه، مثل ما يحدث في تونس من خلال تنظيم الإخوان".
الجيش الليبي.. "مفتاح الحل"
ورأى الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، أن الحل لمواجهة مرتزقة أردوغان وتدخله المستمر في الشأن الليبي يكمن في مجموعة من الخطوات، أولها دعم الجيش الوطني الليبي.
وقال: "الحل يكمن في دعم الجيش الليبي وإزالة حظر التسليح المفروض عليه، بالإضافة إلى تحقيق المصالحة الليبية بين الفرقاء، ونزع سلاح الميليشيات، ووقف الهجرات القادمة من سوريا، والوقوف أمام سياسات أردوغان الرامية لاستغلال تيارات الإسلام السياسي".