شدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، على ضرورة اختيار رئيس الوزراء الجديد "دون تدخل خارجي"، وذلك بعد استقالة عادل عبد المهدي الأسبوع الماضي من هذا المنصب.
وحث السيستاني، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها ممثله عبد المهدي الكربلائي، الزعماء السياسيين على نبذ السياسات الحزبية في اختيار رئيس الوزراء الجديد، قائلا إنه "لن يكون له أي دور في جهود اختيار خليفة لعبد المهدي".
وقال: "نأمل أن يتم اختيار رئيس الحكومة الجديدة وأعضائها ضمن المدة الدستورية ووفقا لما يتطلع إليه المواطنون، بعيدا عن أي تدخل خارجي، علما أن المرجعية الدينية ليست طرفا في أي حديث بهذا الشأن ولا دور لها فيه بأي شكل من الأشكال".
وقال المرجع الشيعي: "لا شك في أن الحراك الشعبي إذا اتسع مداه وشمل مختلف الفئات يكون وسيلة فاعلة للضغط على من بيدهم السلطة لإفساح المجال لإجراء إصلاحات حقيقية، لكن الشرط الأساس لذلك هو عدم انجراره إلى أعمال العنف والفوضى والتخريب".
وطالب السيستاني المتظاهرين بـ"المحافظة على سلمية المظاهرات وخلوها من أعمال العنف والتخريب"، فالمهمة "كما تقع على عاتق القوات الأمنية بأن تحمي المتظاهرين السلميين وتفسح المجال لهم للتعبير عن مطالباتهم بكل حرية، تقع أيضا على عاتق المتظاهرين أنفسهم بأن لا يسمحوا للمخربين بأن يتقمصوا هذا العنوان ويندسوا في صفوفهم ويقوموا بالاعتداء على قوى الأمن أو على الممتلكات العامة أو الخاصة ويتسببوا في الإضرار بمصالح المواطنين".
كما دان السيستاني مجددا "كل ما وقع خلال الأيام السابقة من سفك للدماء البريئة والإضرار بالممتلكات الخاصة والمؤسسات العامة، ندعو جميع المتضررين إلى سلوك السبل القانونية في المطالبة بحقوقهم، ونطالب الأجهزة القضائية بمحاسبة ومعاقبة كل من اقترف عملا إجراميا - من أي طرف كان - وفق ما يحدده القانون".
وعلى الفور، استجابت سلطات الأمن العراقية لخطبة السيستاني، حسبما أفادت مصادر رسمية.
وقالت وكالة الأنباء العراقية (واع)، نقلا عن الناطق باسم القائد العام، إن "القوات الأمنية ملتزمة بوصايا المرجعية العليا بحماية المتظاهرين السلميين والممتلكات".
وقدم عبد المهدي استقالته إلى البرلمان الأسبوع الماضي، تحت ضغط الشارع ودعوة المرجعية البرلمان إلى سحب الثقة من الحكومة.
وتتكثف المشاورات في بغداد بحثا عن بديل لعبد المهدي، على وقع مساع تخوضها إيران وحزب الله لإقناع القوى السياسية الشيعية والسنية بالسير بأحد المرشحين وسط استمرار أعمال العنف في جنوب البلاد، حسبما قال مصدر سياسي لـ"فرانس برس"، الثلاثاء.
وقال المصدر المقرب من دوائر القرار في العاصمة العراقية إن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني "موجود في بغداد للدفع باتجاه ترشيح إحدى الشخصيات لخلافة عبد المهدي".
وأشار المصدر نفسه إلى أن "مسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني الشيخ محمد كوثراني، يلعب أيضا دورا كبيرا في مسألة إقناع القوى السياسية من شيعة وسنة في هذا الاتجاه".
وحتى قبل أن يعلن البرلمان موافقته رسميا على استقالة عبد المهدي وحكومته، بدأت الأحزاب السياسية اجتماعات و"لقاءات متواصلة" للبحث في المرحلة المقبلة.
وينظر إلى المرجعية على أنها صاحبة الكلمة الأخيرة في اختيار رئيس الحكومة، على غرار ما حدث حين تسمية عبد المهدي في نهاية عام 2018، بعد الحصول على ضوء أخضر من السيستاني لخلافة حيدر العبادي.