وصف سياسيون ومراقبون سودانيون القوانين التي أجازها مجلس السيادة ورئاسة الوزراء، الخميس، وشملت حل حزب المؤتمر الوطني، الذي يعد الغطاء السياسي للإخوان، بالخطوة المهمة التي تشكل "نهاية حقبة سوداء" في تاريخ السودان.
وتضمن القرار مصادرة ممتلكات وأصول حزب المؤتمر الوطني والمقدرة بنحو 20 مليار دولار أميركي لصالح الدولة، باعتبار أن الحزب كان يحصل عليها من أموال الخزينة العامة بـ"طرق فاسدة وغير مشروعة".
ويرى مختار عثمان، القيادي في حزب المؤتمر السوداني، أن حل حزب المؤتمر الوطني وتحويل أصوله وممتلكاته لوزارة المالية يعني "تجفيف منابع استغلال أموال ومقومات الدولة لصالح الحزب، وهو ما سيشكل درسا للأحزاب السياسية الطامحة للفوز بالانتخابات التي ستجرى بعد انتهاء الفترة الانتقالية".
وأشار عثمان في حديث لسكاي نيوز عربية إلى أن حزب المؤتمر الوطني هو "الحزب الوحيد في تاريخ السودان الذي يجير موارد الدولة لمصلحته الذاتية، مما تسبب في ضرر بالغ بالاقتصاد الوطني".
وأكد القيادي بالمؤتمر السوداني أن "الحزب كان يمنح عطاءات حكومية وامتيازات ضريبية وجمركية ضخمة لمنسوبيه مقابل الحصول على تمويلات نقدية منهم".
ممارسات لا أخلاقية
وبحسب مراقبين، فقد درج حزب المؤتمر الوطني على "اتباع أساليب فاسدة في الحصول على تمويلاته، وحول الكثير من أصول ومباني و أراضي الدولة لصالحه".
كما كان يحصل على تمويلات خارجية ضخمة تتنافى مع المبادئ والأسس الحزبية، مثلما حدث مع العرض الصيني المقدر بمئات الملايين من الدولارات، الذي استخدم في بناء مقره الرئيسي الضخم في شارع المطار، ويعتبر أكبر وأشهر شوارع العاصمة الخرطوم.
وتشير الدلائل إلى أن الحزب كان يعلم جيدا بأن يد المحاسبة ستطاله، فوفقا لتقارير موثوقة فقد قام خلال الشهرين الماضيين بإخفاء الكثير من الممتلكات والأموال التي تقدر بتريليونات الجنيهات.
كما حول ملكية ما يقدر من 700 سيارة لأفراد منتمين له، على الرغم من أن تلك السيارات هي في الأصل جزء من آلاف السيارات التي يمولها الحزب من مال الدولة لخدمة التنظيمات والاتحادات التابعة له.
ضغط شعبي
وقال خبير الدراسات الدفاعية والأمنية أمين إسماعيل، إن خطوة حل حزب المؤتمر الوطني وتفكيك مؤسساته "جاءت بعد ضغوط شعبية داخل السودان بسبب ارتفاع وتيرة الاستفزازات والعمل المضاد لثورة ديسمبر 2018 من قبل منسوبي المؤتمر الوطني".
ووفقا لإسماعيل، فإن هذه الخطوة القانونية تعني أن "تنعم الفترة الانتقالية بنوع من الاستقرار السياسي بعيدا عن مشاكسات منسوبي المؤتمر الوطني الذين يمثلون الدولة العميقة الرافضة لأي خطوة تتخذ من جانب الحكومة الانتقالية".
وأضاف أن هذه الخطوة تعني أيضا "إبعاد رموز نظام الإنقاذ السابق من العمل السياسي، ومحاولات الظهور والمشاركة في ترتيبات الفترة الانتقالية لما بعد الانتخابات القادمة".
ويرى إسماعيل أن هذا القرار "سيكون له آثار على مستقبل الدولة السودانية الجديدة بتثبيت حق المحاسبة القانونية والعزل السياسي".
لكن إسماعيل نبه إلى "وجود فرضية ضعيفة لإمكانية تحرك العناصر التابعة للمؤتمر الوطني للقيام بعمل مضاد ضد الحكومة الانتقالية، بسبب وجود عدد كبير منهم في القوات النظامية، رغم كشوفات الإحالة التي تمت في الفترة الماضية".
إجراء قانوني
وقالت الصحفية درة قمبو، إن الخطوة تعتبر "إجراء قانونيا وفعلا سياسيا، وبالنظر لمفهوم الديمقراطية، هو فعل ثوري واستجابة لمطلب شعبي بامتياز ويجد ترحيبا واسعا جدا، وهو ما يجعله ضروريا".
ووأضافت أن "المهم في الأمر هو أنه سيبعد ذراع النظام السابق ويغل يد الدولة العميقة عن العبث السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي".
وأشارت قمبو إلى أن "حزب البشير كان يستغل نفوذه السياسي ضد الكل، وسيطر على موارد البلد وسخرها لخدمته وبعض قياداته، كما تلاعب بالمكون الاجتماعي للسودان مستغلا الخطاب الديني والعلاقات الإنسانية".
وأضافت أن حل الحزب يعني أيضا "تحذير كل اللاعبين السياسيين المتواطئين ضد الشعب وثورته، كما سيمكن قانونيامن ملاحقة البشير ومنسوبي تنظيمه لاسترداد ما نهبوه من الشعب".
تنفيذ مهام الثورة
وفقا للناشط السياسي صلاح صيام، فإن الخطوة تعني "تنفيذ أحد المهام الرئيسية لثورة ديسمبر، إذ ستمكن كل مكونات الحكومة من تصفية الخدمة المدنية السودانية من فلول وممارسات النظام، وستكون العتبة الأولى لإعادة سيرة الخدمة السودانية إلى عهدها الأول".
وأضاف صيام في حديثه لسكاي نيوز عربية: "أيضا هذه القوانين ستمكن الحكومة على تنفيذ برامجها من دون عوائق أمام الذين سينفذون سياستها".
وعبر عن ثقته في أن الخطوة "ستساعد على تنقية مؤسسات المجتمع المدني، مثل النقابات والمنظمات والتكوينات الفئوية من الممارسات الفاسدة واللا أخلاقية".