تطورات درامية شهدتها مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق، الخميس، بلغت ذروتها بسقوط 32 قتيلا وإصابة أكثر من 225 آخرين في المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، في واحد من أعنف أيام الاحتجاجات التي يشهدها العراق منذ أكتوبر الماضي.
وأثارت القوة المفرطة ردود فعل قوية لدى السكان، فيما حاولت السلطات إلقاء المسؤولية على بعضها البعض.
وبدأت المواجهات ليل الأربعاء وفي وقت مبكر من الخميس، وتركزت عند جسر الزيتون القريب من ساحة الاحتجاج الرئيسية في المدينة.
وتحولت المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين إلى عمليات كر وفر في هذه المنطقة، وفي نهاية المطاف سيطر المحتجون على الجسر بعد انسحاب قوات الأمن، وسارعوا إلى إحراق مقر قوات التدخل السريع.
ورصدت مقاطع فيديو، لحظات إطلاق قوات الأمن الرصاص بصورة مرعبة في المكان.
وكان المتظاهرون يسيطرون على جسري النصر والزيتون منذ أيام، في إطار خطواتهم الاحتجاجية.
وفي محاولة لكبح الاحتجاجات، أعلنت السلطات العراقية، فرض حظر التجول على المدينة الناصرية، لكن لذلك لم يفلح.
ومع مرور الوقت، بدأت حصيلة القتلى في الارتفاع، فكانت 13 ثم 16 ثم 18، 22 ثم 32 قتيلا ساعات الليل.
وتحدثت مصادر محلية في الناصرية عن إصابة أكثر من 225 شخصا في المواجهات.
الموكب والعشائر
وبالتزامن مع هذا التصعيد، شارك آلاف الأشخاص الخميس في موكب تشييع ضخم في وسط الناصرية، رغم حظر التجول الذي فرض فيها قبل ساعات، كما أفادت "فرانس برس".
وسيطرت مجموعة عشائرية عراقية على جسر فهد، الرابط بين الناصرية وبغداد، حيث أعلنت عشائر آل غزي توجهها نحو ساحة الحبوبي في الناصرية لمؤازرة المتظاهرين.
وأعلنت عشائر عراقية حمل السلاح، في مواجهة قوات الأمن لحماية المتظاهرين، وتحديدا في محافظات الوسط والجنوب، مما يمثل تطورا جديدا في الاحتجاجات.
السلطات تتقاذف المسؤولية
ومن جانب آخر، قال قائد شرطة ذي قار اللواء محمد زيدان، إن الشرطة لم "تصدر أي توجيهات بإطلاق النار ولم نأمر بالصدام مع المتظاهرين من أهلنا في ذي قار".
وقال في بيان إن الشرطة أكدت على "الحفاظ على سلمية المظاهرات لسلامة الجميع (...) مدينتنا يخيم عليها الحزن لما أصابها من احتكاك بين قوات الأمن القادمة من خارج المحافظة والمتظاهرين".
وقالت مصادر لـ"سكاي نيوز عربية" إن محافظ ذي قار عادل الدخيلي، طالب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بإبعاد الفريق جميل الشمري رئيس خلية الأزمة في ذي قار لإخلاله بأمن المحافظة.
وطالب الدخيلي بتشكيل لجنة تحقيق ومعاقبة كل من تسبب بسقوط دماء أبناء المحافظة.
وذكرت تقارير في الإعلام المحلي في وقت لاحق أن الدخيلي هدد بالاستقالة في حال لم يتم إبعاد الشمري.
ورغم أن محافظات جنوبي العراق شهدت مواجهات الخميس، مثل السماوة، فإن أعنفها كان في الناصرية مركز محافظة ذي قار.
ولا يزال العراق يشهد أكبر موجة احتجاجات منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، قُتل فيها المئات، منذ بدء الاضطرابات في بغداد وجنوب البلاد، أوائل أكتوبر.
ويطالب المحتجون بالإطاحة بالنخبة السياسية التي يقولون إنها فاسدة وتخدم قوى أجنبية، بينما يعيش الكثير من العراقيين في فقر دون فرص عمل أو رعاية صحية أو تعليم على مستوى جيد.