يواصل الشارع العراقي حراكه الشعبي، حيث عاد المتظاهرون السبت، إلى الساحات، بعد ليلة دامية شهدت انفجار سيارة مفخخة، أودى بحياة 4 أشخاص وإصابة 20 آخرين.
ومع استمرار الاحتجاجات في مختلف المدن العراقية، تمكن المتظاهرون من العودة مجددا إلى ساحة الخلاني وجسر السنك المؤدي إلى وسط العاصمة بغداد، بعد اشتباكات مع القوات الأمنية، وأقام المحتجون حواجز لصد القوات المتقدمة باتجاههم وإبعادهم عن الجسر.
ومنع محتجون في البصرة الشاحنات من دخول ميناء أم قصر جنوبي البلاد، قبل أن يعلن لاحقا عن إعادة افتتاح الميناء من جديد بعد مفاوضات مع المحتجين.
كذلك أغلق متظاهرون مديرية تربية البصرة في جنوب العراق، استعدادا للإضراب العام، حسبما أفاد مراسل "سكاي نيوز عربية".
وشهد حي الحرية في العاصمة العراقية بغداد، السبت، عملية اغتيال لناشط ميداني داعم للتظاهرات.
وجاءت استعادة سيطرة المتظاهرين على ساحة الخلاني وجسر السنك، بعد انسحاب قوات مكافحة الشغب العراقية منهما، وذلك بعد أسبوع من سيطرتها عليهما، وطرد المتظاهرين منهما، وإغلاق ساحة الخلاني بالكتل الخرسانية.
وقالت قيادة عمليات بغداد في بيان إنه "لغرض فسح المجال أمام حركة المواطنين، قيادة عمليات بغداد تقوم بفتح طريق ساحة الطيران-الخلاني باتجاه شارع الجمهورية –الشورجة".
وناشدت القيادة "الإخوة المتظاهرين في ساحة التحرير وامتداداتها، بالمحافظة على سلمية التظاهر في مناطق ساحة الخلاني وجسر السنك، والمحافظة على الأموال العامة والخاصة".
ولم يحل التفجير الذي وقع في بغداد، الجمعة، دون استمرار التظاهرات في العراق، وهو ما اعتبره الأكاديمي والباحث الاستراتيجي محمد القيسي، تأكيدا من جانب المحتجين على مطالبهم الشعبية، واستمراريتهم رغم كل التحديات.
وقال القيسي في حديث لسكاي نيوز عربية: "على الحكومة إدراك أن المطالب التي رفعها المتظاهرون لم تعد مقتصرة على الجانب الخدمي فحسب، ولكنها باتت أوسع اليوم، وتطال الهيكلية السياسية للحكومة بالمجمل، فضلا عن الركائز القانونية والدستورية التي أوصلت المسؤولين لمناصبهم".
وأشار القيسي إلى عدد من العوامل التي ستحسم مسألة استمرارية التظاهرات في العراق من عدمها، حيث أوضح أن لعنصر المفاجأة دور مهم، أي حدوث تعديل مفاجئ في العملية السياسية العراقية، هذا إلى جانب الوقت ورغبة الطرفين بالاستمرارية على المواقف، بالإضافة إلى مكامن القوة والضعف للمحتجين والحكومة، وقدرة كل طرف على استغلالها.
ولفت الباحث الاستراتيجي إلى ضرورة اعتراف الحكومة العراقية بوجود أزمة فعلية، وهو ما سيسهل عليها مهمة التعامل مع مطالب المتظاهرين، محذرا من مراهنة السلطة على استراتيجية "الإدارة بالأزمة"، أي افتعال وخلق أزمة داخلية أو خارجية، بغرض تخفيف عبء المشكلة الراهنة.
واعتبر القيسي أن إشارة الحكومة لوجود طرف ثالث يحاول "زعزعة" استقرار العراق، وإلصاق التهم بهذه الجهة دون الكشف عن هويتها يصنف تحت سياسة "الإدارة بالأزمة"، والهروب من مواجهة المشكلة الحقيقية التي تتطلب الحوار مع المحتجين وإشراكهم في البحث عن حلول.
ومنذ الأول من أكتوبر الماضي، أسفرت الاحتجاجات الدامية المطالبة بـ"إسقاط النظام" في العراق عن مقتل 319 شخصا، بحسب أرقام رسمية.
ويأتي ذلك في ظل مطالبة متظاهرين ومنظمات من المجتمع المدني بالتحقيق الفوري عن الجهة التي استوردت أو زودت القوات الأمنية العراقية بقنابل الغاز المسيل للدموع، بعد تصريح وزير الدفاع العراقي بأن الحكومة لم تكن الطرف المستورد لهذا النوع القاتل من القنابل.
وكانت منظمة العفو الدولية قالت، في تقرير موسع لها، إن قوات الأمن تستخدم عبوات غاز مسيل للدموع "لم تعرف من قبل" من طراز عسكري أقوى بعشرة أمثال من القنابل العادية.