خرج وكيل مرشد النظام الإيراني، علي خامنئي، بتصريح غريب من نوعه، خلال خطبة الجمعة الأخيرة في طهران، حذر فيه من غضب الشعب الإيراني "المنهوب" والأوضاع الاجتماعية المتفجرة.
وقال موحدي كرماني موجه حديثه إلى قادة النظام الإيراني "إياكم إياكم والخوف من العدو، بل يجب أن تخافوا من الفجوة الطبقية"، مضيفا "يجب أن تخافوا من الحصول على رواتب كبيرة ونسيان الفقراء".
وعلى المنوال نفسه تحدث وكلاء خامنئي في مختلف المدن الإيرانية، عن الخوف من امتداد نيران الانتفاضة العراقية إلى "إيران وحرق المرجعية الحاكمة".
وتعكس هذه التصريحات خوف نظام الملالي من الاحتجاجات في لبنان والعراق، وخاصة الأخير، لقربه الجغرافي.
"إيران بره بره"
وبدأت وسائل إعلام إيرانية في ترديد نغمة أن الاحتجاجات في هذين البلدين، تهدد ما تزعم أنها "جبهة المقاومة"، أي مناطق النفوذ الإيراني الذي يحاول تغطية ذلك بشعارات براقة.
وبدأ المحتجون العراقيون يطالبون بـ"إسقاط النظام" ووقف التدخلات الإيرانية، ووصل الأمر إلى مهاجمة القنصلية الإيرانية في كربلاء، واقتحام مقرات ميليشيات موالية لطهران.
ويبدو أن الإيرانيين قد فهموا جيدا شعار ات إيران بره بره" و"بغداد حرة حرة" و"إيران تطلع برا" و"اخجل يا خامنئي"، لذا كان تحرك نظام الملالي بكل قوته لوأد الانتفاضة في العراق.
ويقول الخبير في الشأن الإيراني، هاني سليمان، إن "الخوف من الداخل هو ما يسيطر على النظام السياسي في إيران".
وعلى الرغم من امتلاك النظام الإيراني، أدوات قمعية وأمنية شديدة مثل الجيش والشرطة والحرس الثوري والباسيج، فإن ذلك لم يمنع الإيرانيين من الخروج إلى الشارع في احتجاجات ضخمة على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وتبدو الأوضاع في إيران مهيئة لاندلاع الاحتجاجات الشعبية، إذ يعاني السكان من أوضاع متردية، تفاقمت مع اشتداد حدة العقوبات الأميركية التي حرمت النظام الإيراني من 10 مليارات دولار من إيرادات النفط، بحسب ما قال المبعوث الأميركي الخاص بإيران، براين هوك.
وعوضا عن صرف أموالها على شعبها لتحسين أحواله، دفعت إيران نحو 16 مليار دولار للميليشيات في سوريا والعراق، بحسب تقديرات أميركية.
وتظهر أرقام رسمية بأن أسعار بعض المواد الأساسية ارتفعت بنسبة 70 في المئة، في حين وصل الارتفاع في المنتجات الأخرى إلى أكثر من 100 في المئة.
موجة مرتدة
وأوضح الخبير في الشأن الإيراني "أنه في ظل حالة العزلة السياسية التي يعانيها النظام الإيراني، المفروضة من قبل العديد من دول العالم التي ضاقت ذرعاً بممارسات النظام، وفي ظل عقوبات اقتصادية شديدة، كان النظام يتشبث بأمل البقاء من خلال الاستثمار في نفوذه وميليشياته في دول القوة والمركز بالنسبة له، وهي العراق ولبنان، وفتح آفاق جديدة للنفوذ في اليمن وسوريا".
وتابع سليمان "وبالتالي فإن وجود موجات احتجاجية ثورية في تلك الدول تحمل خوف مركب ومضاعف بالنسبة لإيران؛ فهو بمثابة عودة الروح الثورية ضد نظم فشلت في تحقيق مطالب المواطنين، وهو ما يعكس إمكانية سحب البساط من تحت أقدام النخبة السياسية في تلك الدول، الأمر الذي يشكل تهديدا للوجود الإيراني فيها"
ويخشى نظام الملالي، وفقا لسليمان، أن تكون تلك الاحتجاجات بمثابة الأمل الذي ربما يرتد صداه في الداخل الإيراني نفسه، وبخاصة إذا ما حققت نتائج إيجابية وزاد تأثيرها في المستقبل القريب.
وشهدت إيران خلال العامين 2017-2018 وفي مطلع 2019 احتجاجات واسعة، نتيجة الظروف الاقتصادية وانهيار الريال واستشراء الفساد، لكن سرعان ما طالت الاحتجاجات المرشد نفسه والسلطة الديني، في سيناريو يشبه الاحتجاجات في العراق ولبنان.
وخلال هذه الاحتجاجات صرخ الإيرانية بهتافات مثل "خامنئي.. اخجل واترك البلاد"، و"الموت للدكتاتور" و"الغلاء والنكبة.. الموت لروحاني"، فيما واجه النظام الإيراني هذه الاحتجاجات بقمع شديد.