أثار خطاب رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي الأخير بوجود أطراف تحاول استغلال التظاهرات السلمية في بلاده، وترفع شعارات تهدف إلى تسييس الاحتجاجات، غضب المتظاهرين الذين واصلوا احتجاجاتهم الجمعة، في وقت ارتفع عدد قتلى الاحتجاجات إلى 44 شخصا.
وقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في كلمة بثها التلفزيون الرسمي: "نطالب مجلس النواب والقوى السياسة الالتزام الكامل بمنح رئيس مجلس الوزراء صلاحية استكمال تشكيلته الوزارية وإجراء تعديلات وزارية بعيدا عن المحاصصة السياسية".
وأشار عبد الهادي، الذي تولى منصبه في 25 أكتوبر الماضي، إلى أنه لا يوجد "حل سحري" لمشكلات الحكم واستغلال السلطة المزمنة في العراق، لكنه تعهد بمحاولة إقرار قانون يمنح الأسر الفقيرة راتبا أساسيا.
وذكر في هذا الإطار: "لدينا مشروع سنقدمه إلى مجلس النواب خلال الفترة القصيرة لمنح راتب لكل عائلة لا تمتلك دخلا كافيا بحيث يوفر حدا أدنى للدخل يضمن لكل عائلة عراقية العيش بكرامة".
وخاطب المتظاهرين قائلا: "صوتكم مسموع قبل أن تتظاهروا ومطالبكم بمحاربة الفساد والإصلاح الشامل هي مطالب محقة"، لكنه طالب بإعادة "الحياة إلى طبيعتها في مختلف المحافظات واحترام سلطة القانون".
ولم تفلح وعود رئيس الحكومة العراقية في تهدئة غضب الشارع، حيث نقلت "رويترز" عن مصادر عراقية، الجمعة، أن قوات الأمن العراقية أطلقت الرصاص على عشرات المتظاهرين وسط بغداد، في اليوم الرابع من التظاهرات، وسط دعوات مستمرة باستمرارها.
وأضافت المصادر أن أكبر عدد من القتلى الذين وصل عددهم لـ44، وقع في مدينة الناصرية جنوب البلاد، حيث لقى 18 شخصا حتفهم، بينما قتل 16 آخرين في العاصمة بغداد.
وأظهرت بعض الفيديوهات متظاهرين وهم يستعرضون الذخيرة التي استخدمت ضدهم، ومن بينها رصاص حي وقنابل يدوية وذخيرة لقاذفات هاون.
خطاب "إنشائي"
واعتبر الباحث السياسي غانم العابد خطاب عبد المهدي بأنه "إنشائي" ولا يلبي طموحات المتظاهرين، وأقرب لأن يكون "خطابا انتخابيا"، مضيفا أن رئيس الوزراء العراقي لا يدرك حتى الآن أن العراق يمر بأزمة خطيرة بعد سقوط هذا العدد من المتظاهرين.
وقال العابد في حديث لـ"سكاي نيوز عربية، الجمعة، إن "عبد المهدي يسعى لشراء الوقت، وليست بيده أي حلول يقدمها".
واستغرب الاتهامات التي ساقها عبد المهدي في خطابه، وغياب النواب عن دعم المتظاهرين في مطالبهم، وتهرب "الرئاسات الثلاث" والمؤسسة التشريعية من المسؤولية.
وأوضح العابد أن "الشارع يتجه إلى رفع سقف مطالبه، خصوصا عقب صم الحكومة لأذنيها عن مطالب المتظاهرين، ولجوئها إلى العنف منذ البداية، حيث أصيب باليوم الأول من الاحتجاجات 280 شخصا".
وفيما يتعلق بغياب ممثلين رسميين عن المتظاهرين بمقدور الحكومة العراقية التحاور معهم، أوضح العابد أن "الحكومات المتعاقبة لعبت دورا سلبيا في هذا المجال من خلال شراء ذمم القيادات بغرض شراء الوقت وإسكات المحتجين".
وتابع العابد قائلا: "سيكون من الصعب تصديق فتح الحكومة حوارا مع قادة المظاهرات، إذ سيكون من الصعوبة بمكان معرفة مدى مصداقية هؤلاء القادة، فقد يكونوا مجرد شخصيات اختارتهم الحكومة وصورتهم أمام وسائل الإعلام على أنهم قادة الاحتجاجات".
واختتم العابد حديثه بالقول إن "الحكومة حتى الآن تراوغ وغير صادقة، وإنها لو كانت تريد حلا للأزمة لكانت استقالت منذ اليوم الأول للمظاهرات"، وحذر من أن استمرار الوضع على حاله سينتهي "بانفجار يخرج عن سيطرة الجميع".