أثار قرار رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي استبعاد قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق عبد الوهاب الساعدي، الذي اضطلع بدور كبير في المعارك ضد تنظيم داعش ، غضباً في البلاد وسط علامات استفهام عن أسباب القرار.
وإذ لم يشر الأمر الديواني إلى أسباب القرار، يرى مراقبون أنه نتيجة الانقسام الداخلي بين القوى والأحزاب النافذة، إلى جانب التدخل الخارجي في شؤون الأمن والدفاع، خصوصاً بين حليفتي العراقي الكبيرتين، الولايات المتحدة وإيران.
وتندد أصوات عراقية بانتظام بالتدخل الذي يطاول القوات الأمنية، وتحديدا من جانب الأميركيين عبر قوات مكافحة الإرهاب التي أسستها وسلحتها ودربتها واشنطن، والإيرانيين عبر قوات الحشد الشعبي التي صارت اليوم نظامية.
من جهة ثانية، يرى البعض أن عملية استبعاد الساعدي، ليست إلا انتقاماً وتصفية حسابات داخلية.
وقال مسؤول حكومي عراقي لوكالة فرانس برس طالباً عدم كشف هويته إن قياديين لفصيلين في الحشد الشعبي "مارسا ضغوطاً" لتنحية الساعدي.
وأضاف أن "الفكرة الأساسية هي بإبعاده (الساعدي) والإتيان بشخصية مقربة من إيران، وبالتالي لن تعود قوات مكافحة الإرهاب عقبة على تلك الفصائل".
وأشارت مصادر عدة لفرانس برس إلى أن القرار أثار تساؤلات حول عملية "تطهير" لمسؤولي الأمن الذين يعتبرون مقربين من واشنطن.
واعتبر السياسي العراقي غالب الشابندر أن قرار عبد المهدي هو "آخر طعنة في صدر العراق وبداية للقضاء على الجيش العراقي وتسليمه لقيادات الحشد الشعبي والفصائل المسلحة".
وأضاف أن "عبد المهدي مزق العراق (...) وتحول الى معول يهدم بلاد الرافدين".
وللساعدي صولات وجولات على الجبهات خلال عمليات القضاء على تنظيم داعش. فقد قاد عمليات تحرير بيجي وتكريت في العام 2015، ثم معارك الفلوجة في العام 2016، حين سطع نجمه.
ومطلع العام 2017، تم تعيينه قائدا لعمليات تحرير مدينة الموصل، ويصفه كثيرون بأنه "أيقونة النصر".
ونجا الساعدي من محاولات اغتيال عدة، بسيارات مفخخة أو عبر عمليات قنص منفردة، وذلك أثناء قيادته للمعارك ضد تنظيم داعش.
وبعيد القرار، دعا ناشطون إلى تنظيم تظاهرات مناهضة له في بغداد والبصرة والموصل، التي لم تزح حتى اليوم الستارة عن تمثال للساعدي أقيم بمبادرة من بعض انصاره في المدينة.
من جهته، اعتبر الساعدي الذي أجرى مقابلات تلفزيونية عدة بعيد تنحيته أن "القرار مهين ولن أقبل به".
وقال "لست على استعداد للذهاب إلى الإمرة، حتى لو كلفني ذلك حياتي".
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي موجة غضب تجاه القرار، ونشر مؤيدو الساعدي مئات الصور والفيديوهات خلال عمليات التحرير، وركزوا على الجانب الإنساني للقائد العسكري وتواصله مع الأطفال والشيوخ خلال المعارك.
بدوره، انتقد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي القرار في تغريدة على تويتر قائلا "ما هكذا تكافئ الدولة مقاتليها الذين دافعوا عن الوطن (...) هل وصل بيع المناصب إلى المؤسسة العسكرية والأمنية".
وانتقد وزير الدفاع العراقي الأسبق خالد العبيدي الطريقة التي تم فيها "إقصاء قائد ميداني شجاع ومهني تشهد له ساحات المعارك في مقاتلة الإرهابيين".
واعتبر الخبير في شؤون الإرهاب هشام الهاشمي أن "الحرب على داعش لا تزال مستمرة، واستبعاد رموز النصر في هذا الوقت خلل كبير، يحفز معنويات العدو، ويضعف ثقة المواطن بقرارات القيادة العسكرية".