مع اتضاح صورة المنافسة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في تونس، لا يزال أحد المرشحين "غامضا" في مواقفه تجاه ما يصفه البعض أجندة ذات توجه مساير للأحزاب الدينية، وهو ما يثير الخشية من عودة هذه التيارات للهيمنة على مقادير البلاد.
واتهم المرشح المتأهل للجولة الثانية في انتخابات الرئاسة والمسجون حاليا نبيل القروي منافسه المرشح المستقل قيس سعيد بتقاربه مع الأحزاب الدينية ، قائلا إن المعركة الانتخابية تجري بين ما وصفه بمحور عصري يمثل حزب قلب تونس بزعامة القروي، ومحور ديني، يمثّله سعيّد مع النهضة وجماعات متشددة.
وقال الكاتب والباحث السياسي، لطفي بن صالح، في حديثه لسكاي نيوز عربية: "ليس القروي هو من يتهم سعيد فقط، بل هناك آخرون في تونس، يشككون بمدى انتماء قيس سعيد ومدى مرجعيته".
وأضاف: "عدم تصريح سعيد حتى الآن بانتمائه السياسي والحزبي، هو ما لف الغموض حوله. ليس لديه مواقف واضحة من مدنية الدولة، ومن مسألة الجهاز السري ومن مسألة تسفير الإرهابيين، الأمر الذي دفع القروي لانتقاده".
وجذب غموض موقف سعيد دعم التيارات المتشددة في تونس، بحسب مراقبين.
وقال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، أسامة الصغير، إن حركة النهضة لم تدعم قيس سعيد في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، لكنه مبدئياً سيكون مرشحها في الدور الثاني.
وكان رئيس الحركة راشد الغنوشي قد حاول أول من أمس التخفيف من وطأة الهزيمة عندما قال: "إن نتائج الدور الأول، أسفرت عن انتصار مترشّحي الثورة، مقابل تكبّد مترشحي النظام السابق لهزيمة نكراء"، معتبرا قيس سعيد من بين مترشحي الثورة، إلى جانب مرشح حركة النهضة، عبدالفتاح مورو الذي فشل في الدور الأول.
ولم يتخلف القيادي الإخواني حمادي الجبالي، الحاصل على نسبة 0.2 من الأصوات، عن ركب الداعمين لسعيّد، حيث قال: "إثر الإعلان عن مرور المرشحين قيس سعيّد ونبيل القروي إلى الدور الثاني لا يسعني في هذا الإطار إلا أن أنحاز إلى إرادة الحرية والكرامة وأعلن عن دعمي لقيس سعيّد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية"، وفق تعبيره.
موقف "حرج" للنهضة
ومن ناحيته، استبعد وزير السياحة والصناعات التقليدية التونسي، رونيه طرابلسي، صعود نجم الأحزاب الدينية في بلاده مرة أخرى، واعتبر أن تونس تخطو بثبات نحو الديمقراطية.
وكشف الدور الأول في الانتخابات هزيمة مختلف الأحزاب، وفي مقدمتها حزب حركة النهضة، الأمر الذي يفتح بابا في انتخابات البرلمان، كمحاولة أخيرة للأحزاب للحصول على شيء من السلطة.
وقال بن صالح: "المناورة تكمن في الانتخابات التشريعية في البرلمان، والتي ربما تعيد لبعض الأحزاب هيبتها، ووقتها قد تساوم مع رئاسة الجمهورية لمصالحها".
وأضاف: " حركة النهضة راهنت على عبد الفتاح مورو (مرشحها الرئاسي)، حتى تأتي بنتائج إيجابية تسمح لها باقتسام الكعكة، لكن النهضة صدمت بأنه لم يصعد لها أحد للمرحلة الثانية".