تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، بنيامين نتانياهو، عن وعود أطلقها أثناء الحملة الانتخابية، ودعا إلى استحضار نموذج قديم في الحكم الإسرائيلي، وهو التناوب على رئاسة الوزراء، حتى لا ينتهي الأمر به خلف القضبان، بسبب تهم الفساد.
ودعا نتانياهو الذي يتزعم أيضا حزب "الليكود"، الخميس، منافسه الرئيسي، زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، إلى تشكيل حكومة وحدة، ولمح إلى قبوله نموذج التناوب على رئاسة الحكومة.
وجاءت تصريحات نتانياهو بعد أن أظهرت النتائج الأولية للانتخابات العامة في إسرائيل، تحقيق "أزرق أبيض" التفوق بشكل طفيف على "الليكود"، حيث حصل الأول على 33 مقعدا فيما حصل الثاني على 32 مقعدا.
وأظهرت النتائج أيضا أن "الليكود" والأحزاب القريبة منه نالت 55 من مقاعد الكنيست (البرلمان) البالغة 120 في حين حصل تحالف يسار الوسط على 56.
وهذا يعني أنه يصعب على أي منهما تشكيل حكومة بمفرده، ذلك أن الأمر يستجوب نيل ثقة 61 عضوا في البرلمان على الأقل.
وسارع تحالف أزرق أبيض" إلى رفض مبادرة نتانياهو، وقال في بيان "هذه ممارسة سياسية ساخرة وبائسة من قبل نتانياهو..إذا ما تنحى الأخير فستكون هناك حكومة وحدة في غضون يوم واحد".
ويقول مراسل "سكاي نيوز" في القدس إن دعوة نتانياهو تبدو غريبة على الأوساط السياسية والحزبية بإسرائيل.
وأضاف أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته رفض الحديث خلال الحملة الانتخابية الحديث عن خيار حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات، مع تحالف "أزرق أبيض".
وأوضح أن نتانياهو ربما يحاول الضغط على الرئيس الإسرائيلي، لنيل التكليف بتشكيل الحكومة، أو البدء بالتحضير لانتخابات ثالثة هذا العام.
وكان تحالف "أزرق أبيض" وافق خلال الحملة الانتخابية على تشكيل حكومة وحدة وطنية، على أن تكون "ليبرالية علمانية"، وبشرط أن أي ائتلاف مع الليكود يجب أن يكون دون نتانياهو.
لماذا غيّر نتانياهو موقفه؟
يقول مراسل "سكاي نيوز" في القدس إن أمرا ضاغطا يجبر نتانياهو على الإسراع في تشكيل الحكومة وتقديم التنازلات، إذ من المتوقع أن يشهد يوما الثاني والثالث من أكتوبر المقبل، جلسات الاستماع له، بشأن شبهات الفساد التي تحوم حوله.
ومن المفترض أن يقرر المستشار القضائي للحكومة تقديم لائحة اتهام بحق نتانياهو، ونقل الأمر إلى المحكمة، وهذا أمر مرجح، بحسب مراسل" سكاي نيوز".
وهذا يعني أن نتانياهو بحاجة ماسة لكي يبقى رئيسا للوزراء، حتى وإن كان مكلفا حتى لا ينتهي به الأمر في قفص الاتهام ويساق إلى المحكمة وربما إلى السجن.
وقال نتانياهو في تصريحات صحفية إنه مستعد ضمنيا للتناوب على رئاسة الحكومة مع غانتس، مستعيدا نموذجا قديما في الحكم بإسرائيل يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي.
حكومة التناوب
وتشكلت في عام 1984، حكومة وحدة وطنية بين "الليكود" وغريمه حزب "العمل" الوسطي، وذلك بعد أن تعادل الحزبان الكبيران في عدد المقاعد بالبرلمان.
وجرى الاتفاق على التناوب في رئاسة الحكومة حينها، إذ شغل شمعون بيرس من حزب العمل منصب رئيس الوزراء في الفترة الأولى ومدتها عامين، فيما شغل إسحاق شامير رئاسة الوزراء في الفترة الثانية وبنفس المدة، على أن اتخاذ القرارات كان بالاتفاق بين الاثنين.
وشهدت إسرائيل عددا من حكومات الوحدة الوطنية منذ الخمسينيات، لكنها لم تقم على أساس التناوب، بل يتولى حزب رئاسة الحكومة، فيما يمنح الحزب القادم من تيار سياسي مختلف، مناصب رفيعة في الحكومة.
وكانت الظروف التي تتشكل فيها حكومات الوحدة الوطنية في إسرائيل، إما حالة طوارئ مثل نشوب حرب أو دخول البلاد في أزمة اقتصادية خطيرة، أو حين تعجز القوى السياسية عن حسم الغالبية في البرلمان.