رحل صباح الخميس، الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، أحد مخضرمي الحياة السياسية في تونس، بعد مسيرة طويلة تولى خلالها مناصب عدة، مع صانع استقلال تونس الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وفي عهد نظام زين العابدين بن علي، حتى أصبح رئيسا بعد مرحلة انتقالية محورية لتونس عام 2014.
السبسي.. رحيل "رجل العبور" بعد مسار سياسي حافل
وولد السبسي يوم 29 نوفمبر 1926 بزاوية سيدي بوسعيد بالضاحية الشمالية للعاصمة تونس.
ودرس في المرحلة الثانوية بمعهد الصادقية معقل النخب التونسية، ثم التحق بجامعة السوربون بباريس لمزاولة دراسته في الحقوق.
بعدها، عاد السبسي إلى بلاده ليمارس مهنة المحاماة، حيث تعهد بقضايا المقاومين المحالين من قبل سلطات الحماية الفرنسية على المحكمة العسكرية ورافع عن عدد من المناضلين المحكومين عليهم بالإعدام من طرف المستعمر الفرنسي.
وتقلّد بين عامي 1956 و1986 مسؤوليات هامة في الدولة، أبرزها منصب وزير الداخلية ووزير دولة مكلّف بالدفاع ووزير الشؤون الخارجية وسفيرا لتونس بباريس وبون.
بعدها بثلاث سنوات، تولى السبسي رئاسة مجلس النواب لمدة سنة واحدة، ثم غادر على إثرها الحياة السياسية عند انتهاء المدة النيابية سنة 1994 وتفرغ لممارسة مهنة المحاماة من جديد لمدة عقدين.
وفي عام 2011، عين السبسي رئيس وزراء، بعد بضعة أسابيع من قيام الثورة، حيث قاد حكومة نظمت أول انتخابات حرة في تاريخ تونس، في اقتراع فازت به حركة النهضة وحصلت على أغلبية نسبية في المجلس الوطني التأسيسي.
وفي يونيو 2012، أسس نداء تونس، وبعد سنة 2013 التي تخللتها أزمات سياسية وأعمال عنف نسبت إلى التيار المتطرف بالبلاد، اتفقت الطبقة السياسية التونسية على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية قبل نهاية 2014.
وفاز السبسي يوم 21 ديسمبر 2014 برئاسة تونس بنسبة أصوات بلغت 55.68 في المئة، ليصبح أكبر رئيس دولة يتولى مهامه، بعد ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية.
ويعرف عن الباجي اقتناعه بأهمية صون كيان الدولة وضرورة احترام المؤسسات، الأمر الذي لم يتناف مع إيمانه بضرورة انفتاح النظام ودمقرطة الحياة السياسية.
وحرص السبسي منذ توليه مقاليد الحكم على ترسيخ المسار الديمقراطي وتكريس روح التوافق الوطني والدفاع عن هيبة الدولة وإعادة تموضع تونس وتعزيز حضورها على المستويين الإقليمي و الدولي.