مرة أخرى، يشن الجيش التركي عمليات عسكرية في الشمال العراقي ضد الوجود الكردي هناك، والهدف المعلن هو "تحييد الإرهابيين (الأكراد) وتدمير مخابئهم"، لكن مراقبين يقولون إن هناك أهدافا خفية لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان من وراء الهجوم العسكري.

وكانت أنقرة قد أعلنت، الثلاثاء، أنها أطلقت عملية تستهدف مسلحي حزب العمال الكردستاني، الذي يتخذ من المناطق الجبلية في كردستان العراق قواعد له.

وبحسب وزارة الدفاع التركية، فإن العلمية البرية بدأت بعد تمهيد ناري بقصف مدفعي وآخر جوي، مشيرة إلى أن القوات الخاصة باشرت في ما وصفته بـ"تحييد الإرهابيين وتدمير مخابئهم".

وعادة ما يستهدف الجيش التركي قواعد حزب العمال الكردستاني في العراق بصورة دورية عبر قصف جوي، لكن العمليات البرية تتم بصورة سنوية.

أهداف داخلية وخارجية

ويقول الكاتب والمحلل السياسي الكردي، رستم محمود، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" إن أردوغان يهدف من وراء هذه العلمية العسكرية إلى تحقيق عدة أهداف داخلية وخارجية.

وأوضح أن السبب الأول هو "أمني"، قائلا إن حكومة أردوغان بدأت تستشعر في الشهرين الأخيرين اقتراب خطر الهجمات الكردية، وذلك مع انتهاء فصل الشتاء وذوبان ثلوج الجبال، حيث يبدأ عادة الحزب بشن هجمات انطلاقا منذ هذه المناطق الجبلية".

وأضاف محمود أن "السبب الداخلي"، هو سعي أردوغان لاستقطاب الطبقة القومية في تركيا قبل الانتخابات البلدية الخاصة بإسطنبول، المقررة في 23 يونيو المقبل، خاصة بعد أن ركز حزب الشعب الجمهوري المعارض حملته الانتخابية على الفساد في حزب أردوغان، وعدم إيلائه القضايا القومية اهتماما.

ويعتقد مستشارو أردوغان أن العملية العسكرية في شمال العراق، قد تساعد في استقطاب هذه الطبقة، بحسب الكاتب الكردي.

أما الهدف الثالث، بحسب محمود، فهو أن الرئيس التركي يريد توجيه رسائل في الإقليم بأن بلاده قادرة على التحرك عسكريا خارج حدودها، في ظل التوتر مع أكراد سوريا المتحالفين مع واشنطن..

ورأى محمود أن العملية هذه تختلف عن العمليات الشهرية التي تقتصر على القصف الجوي، لكنها تشبه العمليات السنوية أو شبه السنوية التي تستخدم فيها أنقرة قوات برية تتوغل إلى عمق 20- 30 كيلومترا داخل الأراضي العراقية.

أخبار ذات صلة

"قوات خاصة" تركية تبدأ عملية في شمال العراق
أول غارات تركية على شمال العراق في 2019

استراتيجيات القتال

وعبر الكاتب الكردي عن اعتقاده بأن هذه العمليات ستستمر حتى 3 أسابيع، مشيرا إلى أن احتمال فشلها كبير، بسبب الطبيعة الوعرة لمسرح القتال، حيث يمتلك المقاتلون الأكراد قدرة أكبر على الانتشار في المنطقة التي يعرفونها جيدا، فضلا عن العلاقة الوثيقة مع السكان القرويين، وهو أمر تفتقر إليه القوات التركية.

في المقابل، تعتمد القوات التركية استراتيجية "الحرب الفعلية"، بما ذلك خطوط الإمداد وعمليات الدعم اللوجستي، الأمر الذي لا يتناسب مع هذه المنطقة.

ولم تعلن أنقرة أو المقاتلين الأكراد عن حصيلة العملية، المستمرة منذ 3 أيام، إلا أن الكاتب الكردي رجح أن يتم الإعلان عن ذلك خلال أسبوع إلى 10 أيام.

موقف بغداد

وتحدث الكاتب السياسي عن موقف بغداد من العمليات العسكرية التركية التي تستهدف أراضيها، مشيرا إلى أنها "عادة ما تكتفي ببيانات استنكار".

وأضاف أنه "لا يبدو أن بغداد قادرة على اتخاذ خطوات سياسية ضد تركيا بسبب هذه العمليات العسكرية". 

وأوقع النزاع بين تركيا ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، الذي يطالب بالحكم الذاتي في مناطق الأكراد بالبلاد، أكثر من 40 ألف قتيل منذ اندلاعه عام 1984.

وينشط حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا حيث غالبية السكان من الأكراد، إلا أن له قواعد عسكرية في شمال العراق يستهدفها الطيران التركي بشكل دوري، الأمر الذي أثار احتجاجات من جانب بغداد مرارا.