سرعان ما استجاب القضاء الجزائري إلى دعوة رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، في 16 أبريل، إلى تسريع التحقيقات المتعلقة بقضايا فساد مرتبطة بالنظام القديم، معلنا توقيف أغنى وألد أعداء رجال الأعمال في الجزائر، وحبسهم جميعا في سجن الحراش الشهير.
فبعد أربعة أيام من دعوة الجيش، تحرك القضاء في الجزائر ضد شخصيات مقربة من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة فيما يتعلق بالكسب غير المشروع، ومن أبرزهم "الأخوة كونيناف".
وأوقف الأخوة كونيناف، مساء الأحد، وأحيلوا الثلاثاء إلى قاضي تحقيق في العاصمة الجزائرية، وفي ختام جلسة الاستماع صدر أمر بحبسهم وفق المصدر.
وأودع قاضي التحقيقات ثلاثة أشقاء مليارديرات من عائلة كونيناف الثرية، وهم رجال الأعمال (كريم، ونوح طارق، ورضا)، الأربعاء، قيد الحبس المؤقت بعد الاستماع إليهم، في قضية "استعمال للنفوذ" بحسب ما أكد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس.
وكانت وسائل الإعلام الرسمية في الجزائر أعلنت، الأحد، توقيف أربعة أخوة من عائلة كونيناف، لكن المصدر القضائي أكد توقيف ثلاثة فقط.
"عائلة نافذة"
ويشتبه بتورط الأخوة كونيناف بـ"عدم احترام التزامات عقود موقعة مع الدولة، واستعمال النفوذ مع موظفين حكوميين، من أجل الحصول على امتيازات"، بحسب المصدر.
وتملك عائلة كونيناف النافذة، غير أنها بعيدة عن الأضواء، مجموعة "كو جي سي" المختصة في الهندسة المدنية، والموارد المائية، والبناء، والأشغال العامة، وتستفيد منذ سنوات من عقود عامة مهمة.
مجموعة "كو جي سي"
وتعود العلاقات التي تربطها مع عبد العزيز بوتفليقة إلى أوائل السبعينات حينما كان الأخير وزير خارجية واسع السلطات في حكومة هواري بومدين، وأطلق الوالد، أحمد كونيناف حينها مجموعة "كو جي سي" في بلد ذي اقتصاد موجه، بحسب صحيفة الوطن الجزائرية.
ويقال إن الأخوة كونيناف مقربون أيضا من سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل ومستشاره النافذ.
صاحب أكبر ثروة
والاثنين أيضا، تم القبض على الملياردير يسعد ربراب، الذي تصنفه مجلة فوربس أغنى رجل أعمال في الجزائر.
ويرأس ربراب مجموعة سيفيتال، أكبر مجموعة خاصة في الجزائر، المملوكة لأسرته وتعمل في أنشطة متعددة، وتملك شركات ضخمة في مجال تكرير السكر.
ووضع القضاء في الحبس الاحتياطي ربراب صاحب أكبر ثروة في البلاد، والذي كان على خلاف منذ سنوات مع السلطات الجزائرية.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية أن ربراب أودع السجن إثر تورطه في "تصريح كاذب بخصوص حركة رؤوس أموال من وإلى الخارج"، و"تضخيم فواتير استيراد عتاد مستعمل".
وفي آخر تغريدة له، قال ربراب، الاثنين الماضي: "في إطار العراقيل التي يتعرض لها مشروع إيفكون، توجهت من جديد هذا الصباح إلى فصيلة الدرك بباب جديد. سنواصل دراسة قضية المعدات المحجوزة في ميناء الجزائر منذ جوان (يونيو) 2018".
وقبلها قال: "توجهت هذا الصباح الي فصيلة الدرك بباب جديد. تم الاستماع إلي بشأن نشاطات مجمع سيفيتال والعراقيل التي يتعرض لها. مجمعنا، على غرار الشعب الجزائر ي، ضحية النظام وعصابته الاقتصادية".
ويتهم ربراب السلطات خصوصا بعرقلة استثماراته في قطاع الأغذية الزراعية لصالح الأخوة كونيناف الذين كانت سيفيتال في منافسة معهم في هذا القطاع.
صفقات سوناطرك
كما تحقق المحكمة العليا الجزائرية في قضايا فساد مزعومة متعلقة بوزير الطاقة السابق شكيب خليل.
وقالت المحكمة إن "الملفات تتعلق بإبرام (شركة الطاقة الوطنية) سوناطراك لصفقتين مخالفة للقانون مع شركتين أجنبيتين".
والسبت الماضي، استدعت محكمة رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، ووزير المالية الحالي محمد لوكال، وهما من المقربين لبوتفليقة في إطار تحقيق بشأن تبديد المال العام.
ويدعو المتظاهرون الجزائريون، خلال الاحتجاجات المستمرة منذ شهرين، إلى التخلص من النخبة التي تحكم الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962. كما يطالبون بمحاكمة أشخاص يصفونهم بالفاسدين.
الجيش يرحب
ورحب قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، الثلاثاء، بهذا التحرك، قائلا: "أثمن استجابة جهاز العدالة للتحرك السريع في متابعة قضايا الفساد".
وكان قائد الجيش الفريق قايد صالح قال، الأسبوع الماضي، إنه يتوقع محاكمة أعضاء من النخبة الحاكمة بتهمة الكسب غير المشروع.
ولعب قايد صالح دورا في استقالة بوتفليقة بالمطالبة بعزله من المنصب، ويدعو منذ ذلك الحين إلى شن حملة على الفساد.
وتنحى بوتفليقة في الثاني من أبريل، بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي امتد لعشرين عاما، اتهمه خلالها المحتجون بالسماح باستشراء الفساد في أوساط النخبة السياسية في الجزائر.
وتولى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح منصب الرئيس المؤقت خلفا لبوتفليقة، لمدة 90 يوما، لحين إجراء انتخابات رئاسية في الرابع من يوليو.
وتظاهر مئات الآلاف، الجمعة، للمطالبة باستقالة بن صالح، وغيره من كبار المسؤولين.