رغم شغله لمنصب يأتي في الترتيب الثاني خلف رئاسة الجمهورية دستوريا، لم يكن رئيس مجلس الأمة الجزائري، عبد القادر بن صالح، مؤثرا كبيرا في المشهد الجزائري، لكنه وجد نفسه الآن في صدارته لدى تعيينه بحكم الدستور رئيسا مؤقتا للبلاد بدون صلاحيات حقيقية.

وأصبح الرجل ذو الـ 77 عاما حاضرا في لافتات الاحتجاجات التي تطالب برحيله مع شخصيات أخرى نافذة في نظام الرئيس السابق.

وبن صالح أو أحد الباءات الثلاث المرفوضين شعبيا، والتي تضم أيضا الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري ونور الدين بدوي رئيس الحكومة.

ووفقا للدستور، سيتولى بن صالح بصفته رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، رئاسة البلاد مؤقتا خلال فترة 90 يوما، لحين إجراء انتخابات رئاسية.

مكبل اليدين

وخلال هذه الفترة، سيكون بن صالح مكبل اليدين دستوريا، حيث لا يملك صلاحيات اتخاذ قرارات مهمة بشكل مباشر.

ووفق المادة 104 من الدستور الجزائري لا يمكن للرئيس المؤقت تعيين أعضاء الحكومة أو حل البرلمان أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها، ولا يمكنه العمل على أي مبادرة لإجراء تعديل دستوري، كما لا يحق له الدعوة إلى إجراء استفتاء عام، أو إصدار العفو أو خفض العقوبات على المدانين قضائيا.

كما لا يمكن للرئيس المؤقت إعلان حالة الطوارئ إلا بموافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه، وبالطبع لا يمكنه إعلان التعبئة العامة وإعلان الحرب أو السلم إلى بموافقة البرلمان.

ووفقا للمادة 102 من الدستور، فلا يحق للرئيس المؤقت ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية.

وعلى الرغم من القيود الكثيرة المفروضة على المنصب المؤقت، فإن الجزائريين يرفضون بشكل تام تولي بن صالح قيادة الفترة الانتقالية، حيث ينظر إليه على أنه أحد الرجال المقربين من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

أخبار ذات صلة

مظاهرات حاشدة بالجزائر رفضا لبن صالح.. والأمن يطلق قنابل غاز
تعيين بن صالح رئيسا مؤقتا للجزائر وسط احتجاجات شعبية

محارب قديم

ويعد بن صالح ممن يطلق عليهن قدامى المحاربين في جيش التحرير الوطني الجزائري، وقد انطلق منه مثل آخرين في مشواره السياسي.

والتحق بن صالح بجيش التحرير في عام 1959 انطلاقا من المغرب، ولم يبلغ حينها سن الثامنة عشر.

وبعد تركه لجيش التحرير بطلب منه في عام 1962، استفاد من منحة لدراسة الحقوق بجامعة دمشق.

ولدى عودته، سلك بن صالح العمل الإعلامي عبر التحاقه كصحفي بيومية الشعب الرسمية عام 1967.

وتنقل بن صالح في عدد من المؤسسات الصحفية قبل أن يرشح نفسه في الانتخابات البرلمانية ويفوز بمقعد عن ولاية تلمسان عام 1977، ولمدة 3 دورات متتالية (15 عاما)

ودخل بن صالح السلك الدبلوماسي عندما جرى تعيينه كسفير للجزائر لدى المملكة العربية السعودية وممثلا دائما لدى منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1989، وذلك قبل عودته ليشغل منصب مدير الإعلام والناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الخارجية.

بين مرحلتين انتقاليتين

ويمكن وصف بن صالح بأنه رجل المراحل الانتقالية، فعقب إلغاء نتائج الانتخابات العامة في عام 1992، عين بن صالح عضوا وناطقا رسميا "للجنة الحوار الوطني" التي قادت الحوار والتشاور بين مختلف القوى السياسية وممثلي المجتمع المدني، وأعدت ندوة الوفاق المدني (فبراير 1994)، التي انبثقت عنها هيئات المرحلة الانتقالية في مرحلة الأزمة التي واجهت البلاد والتي سميت فيما بعد بالعشرية السوداء بسبب أحداث العنف التي صاحبتها.

وانتخب بن صالح عام 1994 رئيسا للمجلس الوطني الانتقالي (برلمان المرحلة الانتقالية) الذي أوكل إليه مهام التشريع خلال المرحلة الانتقالية (لمدة ثلاث سنوات).

وأسس بن صالح حزب التجمع الديمقراطي وأصبح رئيسا له عام 1997، وقاده في أول انتخابات تعددية بعد المرحلة الانتقالية ممثلا عن ولاية وهران، وانتخب رئيسا للمجلس الشعبي الوطني.

وأعيد انتخاب بن صالح في الانتخابات اللاحقة عام 2002، وعين من قبل بوتفليقة رئيسا لمجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) ضمن الثلث الرئاسي، وظل في هذا المنصب 6 دورات متتالية كان آخرها عام 2016.

وجاءت المرحلة الانتقالية الثانية ليجد بن صالح نفسه مفوضا دستوريا لقيادتها، وسط اعتراض شعبي كبير على تصدره لهذه المرحلة التي يطالب فيها الجزائريون أن تكون خالية من رجال الدائرة المحيطة بالرئيس السابق.