فتح تعيين رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسا مؤقتا للجزائر بعد تثبت شغور منصب رئيس الجمهورية، الباب على مصراعيه أمام مزيد من التوتر داخل الشارع الرافض لتولي شخصية من النظام سيئ السمعة لقيادة المرحلة الانتقالية التي يراها الجزائريون "مرحلة المادة السابعة" التي تمنح السيادة للشعب.

وصادق البرلمان الجزائري بغرفتيه، الثلاثاء، على تعيين بن صالح رئيسا مؤقتا لمدة 90 يوما، إلى حين إجراء انتخابات جديدة.

وبن صالح هو أحد ما يعرف بـ"الباءات الثلاث" التي تضم أيضا الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري ونور الدين بدوي رئيس الحكومة، حيث يطالب الشارع الغاضب برحيلهم من مناصبهم.

وقال بن صالح للبرلمان إنه يتعين العمل على تمكين الشعب الجزائري من انتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن.

"فاقد للشرعية"

لكن ثمة معضلة تحيط بتعيين بن صالح، حيث يعتبره الحراك الشعبي شخصية فاقدة للشرعية الدستورية، كونه لم ينتخب في منصبه الأساسي كرئيس لمجلس الأمة بل جرى تعيينه مباشرة من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بحسب عضو المكتب السياسي لحزب جيل جديد أمين عريب.

واعتبر عريب لسكاي نيوز عربية أن "هؤلاء الذين يتحدثون عن الشرعية الدستورية هم الذين انتهكوا الدستور عبر تعيين بن صالح بعد انتهاء مدته الدستورية كرئيس لمجلس الأمة".

ووفق الدستور، تمتد ولاية رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) 6 سنوات بحد أقصى فترتين متتاليتين عبر الانتخاب من المجلس، بينما تولى بن صالح رئاسة مجلس الأمة 17 عاما.

"استقالة متوقعة"

وقال عريب إن تعيين بن صالح رئيسا مؤقتا للبلاد هو " التفاف على الحراك الشعبي بتثبيت الوجوه البوتفليقية.. ويجب على هذا الرجل أن يستقيل".

ويتوقع الصحفي مروان الوناس أن يستقيل بن صالح في الأيام المقبلة أمام الضغط الشعبي، مشيرا إلى أن جلسة تنصيبه رئيسا مؤقتا كانت من أجل استكمال تطبيق المادة 102 من الدستور.

وقال الوناس لموقع سكاي نيوز عربية: "أعتقد أنه إجراء شكلي كان لابد من احترامه وهو ينسجم مع مطالب تطبيق المادة 102 وطلب الجيش تفعليها.. ومن الضروري أن يستقيل بن صالح في الأيام المقبلة وأتوقع ذلك".

أخبار ذات صلة

تعيين بن صالح رئيسا مؤقتا للجزائر وسط احتجاجات شعبية
لأول مرة.. غياب صورة بوتفليقة في اجتماع قيادة الأركان

الفراغ و"سيادة الشعب"

وأثارت المطالب برحيل بن صالح تساؤلات بشأن حل بديل للخروج من الأزمة دون أن يترك فراغا دستوريا.

ويقول الوناس إن "الأزمة ستستمر حتى بعد تطبيق المادة 102، التي أصبحت أقل من سقف المطالب الشعبية".

واعتبر أن المرحل المقبلة "هي مرحلة المادتين السابعة والثامنة من الدستور".

وتنص المادة السابعة على أن "الشّعب مصدر كلّ سلطة، وأن السّيادة الوطنيّة ملك للشّعب وحده"، فيما تنص المادة الثامنة على أن "السّلطة التّأسيسيّة ملك للشّعب، ويمارس الشّعب سيادته بواسطة المؤسّسات الدّستوريّة الّتي يختارها.ويمارس الشّعب هذه السّيادة أيضا عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخَبين. ولرئيس الجمهوريّة أن يلتجئ إلى إرادة الشّعب مباشرة".

وقال عضو البرلمان عن جبهة المستقبل عبد الكريم بن عمار لسكاي نيوز عربية إن استقالة بن صالح لن تشكل فراغا دستوريا لأن هناك حلول أخرى تتوافق مع الدستور وهي تطبيق المادتين السابعة والثامنة وتأكيد السيادة الكاملة للشعب".

وكان نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح قد طالب بتفعيل المادتين في إشارة إلى دعم المؤسسة العسكرية لمطالب الحراك الشعبي بالذهاب إلى المرحلة الانتقالية عبر هيئة تأسيسية جديدة.

وبحسب بن عريب فإن المرحلة الحالية "تقتضي تشكيل هيئة رئاسية بوجوه توافقية لإدارة المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات".

وعدم وجود قيادات واضحة للحراك الشعبي يمثل عائقا كبيرا أمام الدخول في عملية سياسية لتنفيذ مطالب الشعب، بحسب الصحفي والباحث السياسي علي ذراع.

ويقول ذراع إن المهمة الكبرى التي تقع على عاتق الحراك الشعبي هو الانخراط في حوار جاد من أجل تقديم رئية واضحة لمستقبل الجزائر.

أخبار ذات صلة

الجزائر.. رفض لـ"الباءات الثلاث" والبحث عن شخصية توافقية
الشارع الجزائري يترقب تنصيب خليفة بوتفليقة

الخروج من النفق.. والتصعيد

ويهدد الوضع القائم بمزيد من التصعيد الاحتجاجي، حيث لا يزال مئات الآلاف من الجزائريين في الشوارع يطالبون برحيل كل رموز نظام الرئيس السابق.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية عبد الرزاق صاغور أن الجزائر "لم تخرج من النفق بعد، فإرادة الشعب كانت ضد تولي بن صالح لهذا المنصب."

وتوقع صاغور أن "يشهد الشارع تصعيدا رهيبا، لأن المطلب الشعبي هو مطلب سياسي ولا علاقة له بالترتيبات الدستورية".

ومن جانبه، كشف بن عريب عن تنسيق يجري بين قوى الحراك الشعبي من أجل التصعيد في الأيام المقبلة.

وقال لسكاي نيوز عربية: "سندخل في إضرابات عامة وسنشل البلد تماما حتى ترحل هذه العصابة.. لا يمكن بأي حال أن تفرض علينا حلول من زمرة مرفوضة تماما"، موضحا أن هدف التصعيد هو "فرض سيادة الشعب".