عاشت العاصمة السودانية، فجرا ساخنا، يوم الثلاثاء، إثر إطلاق قوات من الأمن النيران وقنابل الغاز لتفريق آلاف الأشخاص المعتصمين أمام مقر الجيش في الخرطوم، فيما رفض عسكريون هذا التصعيد تجاه المطالبين برحيل الرئيس عمر البشير.
وأكد تجمع المهنيين، الذي ينظم الاحتجاجات المعارضة للرئيس البشير، أن القوات المسلحة تصدت للقوات المهاجمة للاعتصام وفتحت بوابات القيادة العامة لحماية المتظاهرين.
وأفاد شهود عيان بمقتل جنديين من الجيش السوداني وعنصر من قوات الأمن في الاشتباكات الدائرة أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم.
في غضون ذلك، قالت الناشطة السودانية، هادية حسب الله، إنه لولا تدخل الجيش لكان المعتصمون قد لقوا مصرعهم جميعا من جراء الرصاص الكثيف الذي أُطلق عليهم ابتداء من الساعة الثالثة صباحا.
وأضافت أن قوات الأمن السودانية وما وصفتها بـ"ميليشيات مؤازرة لها" أطلقت النيران طيلة ثلاث ساعات، لكن قوات الجيش وقفت إلى جانب المعتصمين وقامت بإدخالهم إلى مقر القيادة.
وأشادت الناشطة، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، بموقف الجيش، قائلة إن المعتصمين ظلوا يهتفون بشعارات حول وحدة الجيش والشعب خلال تدخل قوات الأمن.
وأضافت أن تدخل قوات الأمن أسفر عن مقتل شخصين من المعتصمين إضافة إلى طبيب وجنديين من الجيش، فيما لم يتسن التأكد من مصدر رسمي من هذه الحصيلة.
وأضافت أن عناصر الجيش احترموا ما ينص عليه "الشرف العسكري"، لأنهم مهمتهم تتحدد في حماية الشعب "لقد تعاملوا بروح عالية حين بدأ إطلاق الرصاص حوالى الساعة الثالثة من صباح الثلاثاء".
وأوردت "ما إن كان يخفت الرصاص، حتى يعود المعتصمون إلى رفع شعاراتهم المطالبة بالتغيير بكل قوة غير آبهين بالهجوم".
وأشارت إلى أن المعتصمين صمموا على "الصمود" بالنظر إلى "عدم وجود خيارات أخرى مع نظام البشير الذي قضى ثلاثين عاما في السلطة"، وحين خرج الناس إلى الاحتجاج، واجههم بشكل عنيف، حسب قولها.
وأكدت أن أعدادا غفيرة من الناس تتوافد على مكان الاعتصام، منذ صباح الثلاثاء، بعدما فشل التدخل الأمني المفاجئ في دفع المعتصمين إلى إخلاء المكان.
ويشهد السودان احتجاجات مستمرة مناهضة للحكومة منذ 19 ديسمبر الماضي، اندلعت في البداية بسبب ارتفاع الأسعار ونقص السيولة النقدية لكنها تطورت إلى احتجاجات مناهضة لحكم الرئيس البشير المستمر منذ 30 عاما.
ومنذ اندلاع التظاهرات في 19 ديسمبر، يشن عناصر من جهاز الأمن والمخابرات وشرطة مكافحة الشغب حملة أمنية على المتظاهرين، إلا أن الجيش لم يتدخل، وجاء تدخله الأول داعما ومدافعا عن المتظاهرين.
وفي فبراير الماضي، أعلن البشير حالة طوارئ في البلاد وعين حكومة جديدة في وقت لاحق، لكن الإجراءات لم تنجح في امتصاص غضب الشارع.