قال رئيس أكبر اتحاد نقابي مستقل في الجزائر، إنه اتخذ خطوات قانونية لتنفيذ إضراب عام في قطاعات الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز، خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك في خطوة تصعيدية جديدة لإجبار السلطات على تحقيق مطالب الحراك الشعبي.
وأوضح رئيس الكونفدرالية النقابية للقوى المنتجة ملال رؤوف لموقع "سكاي نيوز عربية"، الأحد،: "اليوم أرسلنا إخطارا وفق القانون بالنزاع الجماعي إلى رئيس المجلس الدستوري، قبل الشروع في ممارسة الحق في الإضراب".
وأضاف رؤوف أن "الإخطار تضمن مطلبا محددا، وهو أن يعلن المجلس شغور منصب رئيس الجمهورية عبر تطبيق المادة 102 من الدستور، وذلك بعد أن أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بنفسه أن صحته لا تسمح له بالترشح لعهدة خامسة".
ووفقا للقانون، إذا لم يرد المجلس الدستوري على إخطار الكونفدرالية ويستجيب للمطالب، يحق لها أن تجتمع وتحدد تاريخ الإضراب العام، بحسب رؤوف.
ويعد الإضراب العام في مجالي النفط والغاز تصعيدا مقلقا في الجزائر، حيث تعتمد ميزانية الدولة عليهما، بينما يتوجب عليها الوفاء بالالتزامات الموقعة في عقود التصدير.
وكانت الكونفدرالية قد نفذت إضرابا يومي 10 و11 مارس الجاري، قالت إنه حقق استجابة واسعة تصل إلى 85 بالمئة بين عمال النفط والغاز.
وبينما نفت شركة الطاقة الحكومية الجزائرية "سوناطراك" حدوث أي إضراب، نشر عمال الشركة بعض الصور ومقاطع الفيديو للاحتجاجات، التي رفعت بها لافتات ترفض بقاء بوتفليقة في السلطة.
ويوم الأحد، اعترف منير صخري مدير إدارة الاتصالات بالشركة في تصريحات لـ"رويترز"، بوقوع احتجاجات في حقل حاسي الرمل، أكبر حقول الغاز في البلاد، لكن "الإنتاج لم يتأثر" على حد قوله.
ويبلغ إنتاج الجزائر، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، من النفط نحو 1.2 مليون برميل يوميا، بعد تخفيض جزء من الإنتاج وفقا لقرارات المنظمة، بينما يبلغ إنتاجها من الغاز نحو 135 مليار متر مكعب، حسب تقديرات حكومية.
ضربة للسلطة
وتوقعت الكونفدرالية أن يجذب الإضراب العام الجديد استجابة أوسع من سابقه "بعدما اعتدت السلطة على الدستور بتمديد العهدة الرابعة للرئيس بدلا من إنهاء ولايته، لعدم تمكنه من القيام بواجباته".
وقال رؤوف إن "العمال المحتجين في حقول النفط والغاز بالجنوب، طالبوا الكونفدرالية بإعلان إضراب عام من أجل الضغط على السلطة".
واعتبر القيادي النقابي أن يؤدي الإضراب العام في قطاع الطاقة الحيوي، إلى ممارسة أكبر قدر من الضغط على السلطة الحاكمة.
وقال: "المالية العامة في اضطراب، وقد اعترفت الحكومة بوجود أزمة خانقة، كما نرى الناس قد توقفت عن دفع فواتير الكهرباء والخدمات كنوع من العصيان المدني".
ومن جهة أخرى، توقع رؤوف ضغطا أوروبيا على السلطة من أجل تفادي تفاقم الأمور، خاصة أن الدول الأوروبية أكبر المستوردين للغاز والنفط الجزائريين.
وقال: "ستتحرك الدول الأوروبية لأنها تعرف عواقب توقف إمدادات النفط والغاز وتأثير ذلك على الأسعار، كما أن أي فوضى ستنجم عن ممطالة السلطة في تنفيذ مطالب المحتجين ستملأ أوروبا باللاجئين، وهو سيناريو لا تتمناه".
واعتبر الخبير الاقتصادي الجزائري فارس مسدور، أن يحدث أي توقف لإنتاج النفط والغاز شللا كبيرا في كافة مناحي الحياة.
وقال لموقع "سكاي نيوز عربية" إن إيرادات الدولة من قطاع المحروقات تصل إلى 27 مليار دولار بعد هبوط أسعار النفط، فيما لا تتعدى إيراداتها من خارج هذا القطاع 700 مليون دولار، مما يشير إلى مدى التأثر الخطير إذا اضطرب الإنتاج النفطي.
وقال إن "المس بالعصب الحيوي للاقتصاد الجزائري سيشكل ضغطا كبيرا، وبالفعل، يمكننا أن نرى بوادر على تحرك لاستخدام النفط والغاز في الحراك الشعبي ضد السلطة".
واعتبر مسدور أن السياسات الحكومية خلال العقود الماضية بالتركيز الاعتماد على المحروقات كمورد شبه وحيد للعملات الأجنبية، أدت إلى إهمال وتدهور باقي القطاعات الاقتصادية.
وتابع: "لا يمكن للسطلة أن تصمد في هذه الحالة إذا توقف إنتاج النفط والغاز، فهو العصب الأساسي".
ورفض الجزائريون الذين يتظاهرون منذ ما يقارب 3 أسابيع مبادرات بوتفليقة، الذي تخلى عن قرار الترشح لولاية رئاسية جديدة بعد 20 عاما في السلطة.
ولم يعلن بوتفليقة تنحيه، وقال إنه سيبقى في السلطة لحين صياغة دستور جديد، وهو ما اعتبرته المعارضة تمديدا فعليا لولايته الحالية.
وأوضح المتظاهرون أنهم يريدون "جيلا جديدا من القادة"، ومن المرجح أن ينظروا إلى تشكيل الحكومة الجديدة بمثابة "حيلة للالتفاف على مطالبهم"، وخرج مئات آلاف المتظاهرين، الجمعة، في أكبر احتجاج منذ بدء المظاهرات.