تتسابق أحزاب المعارضة الجزائرية من أجل اللحاق بالحراك الشعبي الذي فرض واقعا جديدا أنهى تقريبا فرصة نجاح انتخابات رئاسية مغضوب عليها، لكن، لا تزال هذه الأحزاب بعيدة عن قفزات الشارع ومطالبه بتغيير كامل للنظام السياسي.

واجتمع 15 حزبا معارضا يوم الخميس، وحددوا عددا من المطالب كان على رأسها الدخول في مرحلة انتقالية، لتهيئة المناخ وتوفير الشروط القانونية لضمان حرية اختيار الشعب، كما اعتبروا أن "إجراء الانتخابات في ظل الظروف الحالية، ووفق الإطار الحالي، يمثل خطرا على استقرار البلاد".

وفيما لم يحدد البيان طبيعة الفترة الانتقالية ورؤية هذه الأحزاب للجهة المشرفة عليها، وأيضا الإجراء البديل في حالة لم تنعقد الانتخابات في موعدها، اعتبر مراقبون أن البيان يذهب إلى تأجيل الانتخابات لإعطاء هذه الأحزاب فرصة للنزول إلى المشهد الانتخابي وتقديم مرشحين قادرين على المنافسة. ومن المقرر أن تجري الانتخابات في 18 أبريل المقبل، وسط رفض شعبي واسع ومطالبات بإلغائها.

الإلغاء أو المقاطعة

واعتبر رئيس حزب اتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية نور الدين بحبوح في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية أن المرحلة المقبلة تتطلب "تغييرا جديا وانطلاقا نحو جمهورية جديدة"، مطالبا بتشكيل هيئة تأسيسية من الأحزاب والشخصيات المشهود لها بالنزاهة للإشراف على الانتخابات.

وقال بحبوح لسكاي نيوز عربية:" نحن نرفض العهدة الخامسة لبوتفليقة، وندعوا إلى انتقال ديمقراطي يتجاوز حاشية بوتفليقة والمحيطين به"، معتبرا أن رسائل الشعب أصبحت واضحة وهي " لا عودة من الشارع إلا بتسليم السلطة للشعب".

أخبار ذات صلة

عشرات الجرحى من الشرطة واعتقال 200 شخص في احتجاجات الجزائر

ورأى القيادي الحزبي أنه من المستحيل أن تجرى انتخابات نزيهة في هذه المرحلة، وإذا تعنتت السلطة، "فإن المقاطعة ستكون هي السبيل الوحيد أمام الجزائريين"، مشيرا إلا أنه لا خيار أمام الأحزاب سوى الامتثال للإرادة الشعبية ومقاطعة هذه الانتخابات.

ومن جانبها، طالبت زعيمة حزب العمال لويزة حنون، بإلغاء الانتخابات، داعية الجيش الجزائري إلى الوقوف على الحياد وتأمين البلد.

وتصاعد الحراك الاحتجاجي في الشارع الجزائري حيث تجاوز عدد المتظاهرين يوم الجمعة مليون شخص، وهو أكبر تجمع احتجاجي منذ بدء المظاهرات في الثاني والعشرين من فبراير الماضي. ورفع المحتجون شعارات الرحيل للنظام ورفض ترشح بوتفليقة الغائب عن المشهد حيث يعالج في مشفى بسويسرا، وتفيد الأنباء الواردة من هناك بتدهور حالته الصحية.

وانسحب الأمين العام الأول لجبهة القوى الاشتراكية كريم طابو من اجتماع أحزاب المعارضة احتجاجا على ما وصفه بـ"بعد المعارضة عما يحدث في الشارع".

وقال طابو لموقع سكاي نيوز عربية إن الأحزاب تعيش في فلك آخر، فيما لا تزال المعارضة تعمل بأدوات السلطة، وتناور من أجل أن تجد لها مكانا في الساحة السياسية.

واعتبر أن تأجيل الانتخابات "مضيعة للوقت وخدمة للسلطة"، قائلا إن المرحلة المقبلة تطلب "إلغاء الانتخابات بكل شجاعة والدخول في عملية سياسية جديدة".

وأضاف: "المطلوب من أحزاب المعارضة أن تنزل إلى الشارع وأن تتوقف عن المناورة، الشارع هو الذي يقود حاليا ولا يمكن الالتفاف عليه".

عصيان مدني

وفي حال لم يصدر قرار بإلغاء الانتخابات، يتوقع طابو أن تعم المسيرات الشوارع في ذلك اليوم، مع عصيان مدني كامل.

وكان نائب وزير الدفاع ورئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح قد أشار إلى أن الجيش الوطني " سيكون دوما، حارسا أمينا للمصلحة العليا للوطن وفقا للدستور ولقوانين الجمهورية، وسيعرف (..) كيف يكون في مستوى المسؤولية المطالب بتحملها في كافة الظروف والأحوال، فالجميع يعلم أن الجزائر قوية بشعبها وآمنة بجيشها"، في رسالة تعددت تفسيرها لكنها لم ترق إلى الوضوح الذي يرغبه الشارع الغاضب.

ولفتت كلمات صالح إلى التزام الجيش بتوفير الظروف الآمنة للاستحقاق الانتخابي، وذلك قبل أن تتصاعد الاحتجاجات لتصل إلى مليونية ترفض العملية الانتخابية برمتها. لكن الإشارات التي خرجت من المؤسسة العسكرية لا تزال متضاربة في رأي البعض.

وأشار طابو إلى واقع جديد فرضه الحراك الشعبي، حيث أدرك الشارع القوة الرئيسية الآن بعدما انتهى بوتفليقة ودائرته المحيطة به سياسيا، وهي الجيش.

وقال طابو:" الشارع بعث رسالة واضحة إلى الجيش بأن عليه الانحياز للشعب، وفي حال لم يتحرك في هذا الاتجاه فإنه سيكون مسؤولا عن العواقب السلبية".

14 مارس.. يوم فاصل

وليس أمام أحزاب المعارضة الجزائرية سوى أيام قليلة على إغلاق باب الانسحاب من السباق الرئاسي يوم 14 مارس، "وإذا لم تسحب هذه الأحزاب مرشحيها، فإنها ستكون متورطة في هذه العملية الانتخابية المرفوضة شعبيا، وستكتب نهايتها السياسية بأيديها"، بحسب الخبير السياسي عبد العالي الرزاقي.

وقال الزراقي أنه من المنتظر أن تجتمع أحزاب المعارضة الأسبوع المقبل وتعلن سحب نوابها من البرلمان والبلديات وسحب مرشحيها من الانتخابات الرئاسية من أجل اللحاق بالشارع.

واعتبر الرزاقي أن الجزائر عبر يوم 22 فبراير الماضي إلى مرحلة جديدة ومختلفة تماما في تاريخه، سيكون للشارع فيه كلمة كبيرة بعد أن حقق العديد من المكاسب، وأهمها كسر حظر التظاهر ورفض هيمنة جماعة سياسية واحدة على السلطة لمدة 20 عاما.

لكن يوم 14 مارس لا يقل أهمية، لأنه ببزوغ صباح ذلك اليوم سيكون ختم الرئيس بوتفليقة قد سقط رسميا وأصبح رئيس تصريف أعمال، ما يعني أن المؤسسة العسكرية ستكون هي الجهة الحاكمة للبلاد بشكل واقعي، وسيقع على عاتقها الاختيار ما بين أن تصبح ضامنة للاستقرار عبر الاستجابة للمطالب الشعبية أو الاستمرار في حماية السلطة المرفوضة شعبيا ومواجهة التداعيات السلبية لذلك"، بحسب الرزاقي.