تداعيات كبيرة، داخليا وخارجيا، لتأمين الجيش الوطني الليبي لحدود البلاد الغارقة في الفوضى منذ عام 2011، إذ سيلمس الليبيون ودول الجوار وأوروبا تغيرات إيجابية خلال الفترة المقبلة تطوي صفحة مؤلمة من تاريخ لييبا، وفق مراقبين.

والجمعة، أعلن الجيش الوطني الليبي تأمين حدود ليبيا كاملة باستثناء تلك التي مع تونس، وسط توقعات أن تتم عملية السيطرة عليها قريبا.

وكان الجيش الوطني الليبي أطلق في يناير الماضي عملية عسكرية في جنوب البلاد، بهدف "دحر الجماعات الإرهابية والإجرامية والعصابات العابرة للحدود"، تمكن خلالها الجيش من القضاء على وجود هذه الكيانات الخارجة عن القانون.

وفي التفاصيل، أوضحت مصادر ميدانية أن الجيش أمّن السيطرة خلال العملية على منطقة الكفرة، القريبة من الحدود مع السودان وتشاد، كما سيطر الجيش على الحدود مع النيجر، بعدما دخلت قوات إلى منطقة القطرون القريبة من الحدود، واستكمل السيطرة على الشريط الحدودي مع الجزائر الخميس.

وكانت تنشط في المناطق الجنوبية في ليبيا، عدد من العناصر الإرهابية ومسلحي المعارضة التشادية، لكن تحت ضغط ضربات الجيش الوطني الليبي والغارات الفرنسية والجيش التشادي فرت تلك العناصر أو نسبة كبيرة منها على الأقل.

ونظرا للحدود الطويلة، لجأ الجيش الليبي إلى سحب وحداته من بنغازي ودرنة اللتين جرى تحريرهما وإعادة الأمن فيهما، ووضعهم تحت سيطرة وزارة الداخلية واستعمال القوات المسحوبة في العمليات العسكرية في المناطق الحدودية جنوبا وغربا، وفق ما تقول المصادر الميدانية.

ولم يبق أمام الجيش الوطني الليبي سوى السيطرة على الحدود مع تونس، التي تضم 3 معابر، تسيطر عليها ميليشيات فجر ليبيا المتطرفة، وتنشط عبرها عمليات التهريب.

دول الجوار وأوروبا

ويقول الكاتب والباحث السياسي الليبي، عز الدين عقيل في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية" إن اللحظة التي تجاور فيها الجيش الليبي مع نظيره الجزائري على الحدود تعني وضع اللبنة الأولى في استعادة الدولة الليبية للسيادة على إقاليمها.

وتوقع أن يبدأ الجيش الليبي في تفعيل بروتوكولات التعاون الأمني عبر الحدود، المجمدة حاليا، مما ينعكس إيجابيا على الطرفين.

وقال إن دول الجوار ستتنقل إلى مرحلة تعتبر فيها الجيش الليبي شريكا ستراتيجيا، مضيفا أن الجزائر والسودان أيضا بحاجة إلى تأمين حدودهما مع ليبيا، حيث سيجدان جيشها الوطني في عونهما

وقال إن الأمر ينطبق على الدول الأوروبية التي ستشهد خلال الفترة المقبلة انخفضا في حجم الهجرة غير الشرعية، التي أثارت توترا بينها.

أخبار ذات صلة

الجيش الليبي يسيطر على منطقة جديدة.. ويستكمل "تأمين الحدود"
بعد انتصارات الجيش الليبي جنوبا.. قطر تحرك أذرعها في سبها
الحكومة الليبية المؤقتة في سبها.. رسائل للداخل والخارج
المسماري: القضاء على إرهابيين كبار في الجنوب الليبي

تداعيات داخل ليبيا

وبالنسبة لتداعيات سيطرة الجيش على الحدود داخليا، قال عقيل إنه من المتوقع أن يلاحظ الليبيون تحسنا في أوضاعهم، إذ مع توفر الأمن والاستقرار سيفتح الباب أمام تحسن الخدمات والأوضاع الإنسانية.

واعتبر أن السيطرة على المعابر الثلاث والحدود مع تونس ستكون قريبة سلمية وبلا عنف، خاصة مع ميل سكان المدن القريبة وهم من الأمازيغ إلى الدولة المدنية، فهم أول من كانوا في ثورة الـ17 من فبراير، لكنهم كانوا الأكثر خسارة بعدها، مشدد على أن هؤلاء أكثر استعدادا للتعاون مع الجيش الليبي.

وقال الباحث السياسي الليبي "إن هناك أهمية كبيرة للسيطرة على الحدود، حتى لا يتمكن الإرهابيون من الهرب خارج البلاد، خاصة أن هؤلاء ارتكبوا جرائم بحق الشعب الليبي".

وأكد "أهمية القبض عليهم لما يمتلكون من معلومات بشأن الجرائم التي تورطوا فيها"، قائلا إن "دولا إقليمية تمارس ضغوطا على زعماء أفارقة من أجل السماح بفرار هؤلاء الإرهابيين".

وصولا إلى الانتخابات

وسيساهم تأمين الحدود، حسب عقيل، في زيادة رقعة تأييد الجيش الليبي، مشيرا إلى وقفات في العاصمة الليبية خرجت دعما للجيش وقائده المشير خليفة حفتر، مشيرا إلى احتمال وقوع انتفاضة مسلحة في العاصمة مع اقتراب الجيش منها

والأطراف السياسية الليبية التي كانت تبدي التعنت في الحوار السياسي ستبدي ليونة أكثر وستصبح مرنة بشكل أكبر، بعد التغيرات العسكرية التي طرأت على الحدود، وفق عز الدين عقيل.

ويخلص الباحث السياسي الليبي إلى أن هذه الأمور لاحقا ستمكن ليبيا من وضع أول سكة لبناء الدولة المدنية وسيوفر الجيش الظروف الملائمة لذلك، ومن ثم إجراء انتخابات تفرز حكومة تتولى تسيير حكم البلاد.