"حتى مع عدوك فإنك لا تقطع العلاقات نهائيا .. قد تحتاج إليه"، هكذا يدير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حساباته السياسة، فيعلن مواقف للاستهلاك المحلي والإقليمي على الملأ، ثم يلعب بأوراق خفية، كعادة معاركه الخطابية الخادعة.

وعبر الجملة السابقة، حاول أردوغان تبرير اعترافه بأن بلاده لم تقطع أبدا اتصالاتها مع الحكومة السورية، وإن على مستوى منخفض لا يتجاوز الاتصالات الاستخباراتية.

وصرح أردوغان، في مقابلة مع تلفزيون "تي آر تي" الرسمي، الأحد، أن "السياسة الخارجية مع سوريا تتم على مستوى منخفض"، مضيفا أن أجهزة الاستخبارات بإمكانها البقاء على تواصل، حتى وإن كان مقطوعا بين القادة.

ورغم أن أنقرة من أشد خصوم دمشق، ودعمت المعارضة المتشددة التي سعت لإطاحة الرئيس بشار الأسد، كشف أردوغان أن العلاقات بين الجارتين ظلت باقية.

أخبار ذات صلة

أردوغان: تركيا تحافظ على اتصالاتها بسوريا

وتدهورت العلاقات بين الحكومتين التركية والسورية بعد الاحتجاجات التي اندلعت في 2011، ورفضت أنقرة حينها أي اتصال مع الرئيس السوري.

ولم يتوقف الأمر عند رفض الاتصال مع الأسد، بل طالبت تركيا باستمرار بتنحيه، واستقبلت نحو 4 ملايين لاجئ، وكان كل ذلك يدور في العلن للاستهلاك المحلي والإقليمي بينما تبقي أنقرة في الخفاء على علاقاتها مع دمشق.

ويبرر أردوغان منطقه هذا بقوله، الأحد: "إذا كان لديك عدو عليك الاحتفاظ بعلاقاتك معه، فربما تحتاجه فيما بعد".

ويضاف هذا الإعلان إلى قائمة المعارك الخطابية الخادعة التي اعتاد أردوغان أن يخوضها، ثم سرعان ما عدل عنها. 

أخبار ذات صلة

أقوال لا أفعال.. كم معركة "زائفة" خاضها أردوغان؟

ولم يكن إعلان أردوغان، في المقابلة التلفزيونية، بأن تركيا تبقي اتصالات مع سوريا "على مستوى منخفض"، صادما في كل الأحوال، فقد مهدت له تصريحات لوزير خارجيته مولود تشاوش أوغلو، في ديسمبر الماضي، قال فيها إن تركيا ستفكر في العمل مع الأسد إذا فاز في انتخابات ديمقراطية.

كما أعلن الوزير أن التواصل بين أنقرة ودمشق يتم عبر طرف ثالث هو غالبا روسيا أو إيران.

لكن التصريحات التي أدلى بها أردوغان، هي الأولى التي يؤكد فيها وجود اتصالات مباشرة "على مستوى منخفض" مع دمشق.

وفي مقابلة الأحد، جدد أردوغان الحديث عن منطقة آمنة وليست عازلة، تريدها أنقرة بعمق 30 كيلومترا في الشمال السوري، حيث أعداؤها الأكراد.

 وفي حال تحقق الحلم التركي بإقامة هذه المنطقة فإن إدارتها لا يمكن أن تترك في يد قوات التحالف الدولي، لأنه ليس محل ثقة، وفق أردوغان.

وحتى يتحقق جزء مهم من الطموح التركي في الجارة سوريا، تأمل تركيا أن ينفذ الأميركيون وعدهم بالانسحاب من شرق سوريا، ويريد أردوغان أن يحدث ذلك عاجلا غير آجل.

فلدى سؤاله عن خطط الولايات المتحدة للانسحاب من سوريا، أعرب أردوغان عن أمله في أن تسحب واشنطن قواتها من سوريا قريبا، محذرا من أنه "في حال لم يحدث ذلك ستتحرك أنقرة من أجل منع أي تهديد إرهابي محتمل من قبل المقاتلين الأكراد"، المدعومين من الولايات المتحدة.

وقال الرئيس التركي: "آمل أن تنجز (الولايات المتحدة الانسحاب) خلال فترة قصيرة لأننا لا نريد العيش تحت التهديد. حالما نرصد مؤشر تهديد سنقوم بكل ما يقتضيه الأمر".