سيحفظ العالم في ذاكرته يوم الثالث من فبراير، كونه يشير إلى حدث تاريخي عندما التقى البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وشيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، على أرض الإمارات، ليبعثا معا برسالة إلى العالم من "الزمان والمكان المناسبين".
ورحب الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالضيفين الكبيرين، قائلا: "ببالغ السعادة نرحب بوصول ضيفي اﻹمارات العزيزين قداسة البابا فرنسيس بابا الكنسية الكاثوليكية وفضيلة الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف".
ووفد إلى الإمارات مئات من ممثلي الأديان والشخصيات الفكرية المرموقة للاجتماع في المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية في أبوظبي، الذي توج بلقاء البابا وشيخ الأزهر مساء الثلاثاء.
واعتبر المرجع الديني اللبناني علي الأمين أن زيارة البابا فرنسيس إلى الإمارات تكتسي برمزية هامة، قائلا لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "هذا التواصل مع دولة الإمارات يعود إلى كونها أرضا للتسامح، فهي تحتضن جنسيات متعددة، ولذلك فإن مجيء البابا إلى هنا مع سائر القيادات الدينية والثقافية يعزز هذا التواصل بين الذين يحملون خطاب الاعتدال في العالم".
ولفت الأمين إلى أن الإمارات العربية تبعث برسالة واضحة إلى أصحاب الفكر المتطرف بأن "ثقافتهم التي تزرع العداوات ليس لها مستقبل، لأن المستقبل لتلاقي الشعوب والتواصل فيما بينها، وما ينسبونه إلى الدين زور وبهتان، لأن الأديان جميعها تدعوا للمحبة والتعايش ونبذ العنف والعدوان".
الزمان والمكان المناسبان
وأكد مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة مصطفى عثمان إسماعيل، لموقع "سكاي نيوز عربية" أن المؤتمر ينعقد في "الزمان المناسب، حيث نشهد حروبا وصراعات، وفي المكان المناسب لأن أبوظبي تقدم نموذجا للتعايش بين الأجناس المختلفة، وقد احتضنت مبادرات جيدة في إطار الأخوة الإنسانية مثل وزارة التسامح".
ولفت إسماعيل إلى أن "الشيخ زايد آل نهيان، وهو الذي سمي حكيم العرب، كان يدعو للعفو والسماحة، وتجاربه الخيرية الكثيرة تشهد على ذلك".
وقال إن أبوظبي وهي تحتضن "قمتين لأكبر ديانتين في العالم وهي الإسلام والمسيحية، هي أقوى رسالة يمكن توجه إلى عالم اليوم، عالم الأزمات والكراهية والعنف والحروب، وفي منطقة كان من المفترض أن تكون منطقة التسامح الديني والإشعاع الروحي".
وعبر إسماعيل عن تفاؤله بقدرة المنطقة على استعادة مجدها مرة أخرى "إذا وجدت فعلا عملا جادا مثل هذا المؤتمر الذي ينعقد في أبوظبي وأرض العرب ويكون في قمته البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب".
خطوة تحد من التنافر
وليس مستغربا على الإمارات أن تحتضن مثل هذا التجمع المرموق، بحسب وزير التعليم العالي المصري الأسبق مفيد شهاب الذي قال إنه "في إطار اهتمامها بالانفتاح على العالم، ركزت الإمارات على قضيتي التسامح السلام".
وأشار شهاب في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى المبادرات الإماراتية العديدة في هذا المجال، "فكانت دعوتها لإنشاء مجلس عالمي للتسامح والسلام ثم دعوتها لعدد من المؤتمرات حول قضية التسامح ونبذ التطرف والأخوة الإنسانية، وقد توجت هذه الجهود بهذا المؤتمر العالمي الذي يضم ممثلي أكبر الهيئات الدينية وعلى رأسهم بابا الكنيسة الكاثوليكية وشيخ الأزهر".
واعتبر شهاب أن زيارة البابا تعد "خطوة إيجابية ستؤدي إلى الحد من التنافر باسم الدين واستغلال الدين كذريعة لأهداف إجرامية أو إرهابية".
وبدوره، اعتبر مستشار الرئيس الشيشاني للشؤون الدينية آدم شهيدوف أن لقاء الأخوة الإنسانية ممثلا في بابا الكنيسة الكاثوليكية وشيخ الأزهر مع رموز الأديان "قد جاء في عين وقته، حيث يبعث رسالة مهمة جدا إلى العالم كله من أرض الإمارات بأننا كلنا عائلة واحدة".
وأشار في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "سبب المشاكل في الشرق الأوسط والعالم كله هو الطمع والجشع وفقدان معاني الأخوة الإنسانية، وهو ما يؤكد أهمية ورمزية احتضان أبوظبي لهذا التجمع".
ومؤتمر الأخوة الإنسانية الذي جرى وسط حضور محلي وإقليمي ودولي، احتضن سلسلة من جلسات النقاش وورش العمل التي تجمع مختلف الأديان السماوية، بالتزامن مع الزيارة التاريخية للبابا في الفترة من الثالث وحتى الخامس من فبراير 2019، وهي الأولى من نوعها إلى شبه الجزيرة العربية.
كما تعد الزيارة هي الأولى من نوعها التي تتزامن فيها زيارة باباوية إلى أي بلد في العالم مع زيارة أخرى لشخصية دينية كبيرة بحجم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، إذ اختار الرمزان الدينيان الكبيران أرض الإمارات لعقد "لقاء الأخوة الإنسانية" بينهما، والتباحث في سبل تعزيز التعايش بين الأديان والعقائد المختلفة.