كشف تقرير نشره موقع "نورديك مونيتور" السويدي، السبت، أن الاستخبارات التركية استعانت بضباط سابقين لتدريب وتسليح متشددين وإرسالهم لسوريا بهدف قلب النظام.
وبحسب التقرير، فقد شكلت الاستخبارات التركية بعد اندلاع الاحتجاجات السورية في العام 2011، مكتبا خاصا يضع نصب عينيه هدفا واحدا يتمثل بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، واستبدال نظام الحكم بآخر متشدد يأتمر بإملاءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء آنذاك.
ونقل "نورديك مونيتور" عن مصدر سري لم يكشف عن اسمه، أن أول إجراء قام به الاستخبارات التركية هو استدعاء ضباط الشرطة والجيش وعناصر العمليات الخاصة السابقين ممن كانت لديهم مشكلات قانونية في الماضي، وكلفتهم بمهمة وصفتها بـ"الوطنية" لتدريب وتسليح وتنظيم جماعات متشددة، ومن بينهم في بعض الأحيان عناصر تابعين للقاعدة وداعش.
وطبقا للمصدر، وهو شخصية عملت لسنوات في المؤسسة الأمنية التركية، فقد ساعد إجراء الاستخبارات التركية "المجرمين المدانين" والمشتبه بهم والذين يواجهون تهما جنائية في الإفراج عنه، مضيفا: "أطلق سراح العشرات من العسكريين السابقين عبر حملة منظمة. لقد قوضت المؤسسة سيادة القانون في تركيا، كما تم إطلاق العنان للإرهابيين وتمكينهم على الأرض في سوريا".
ومن بين الشخصيات العسكريين المفرج عنهم نوري غوخان بوزكير، الرائد في فرع العمليات الخاصة، والذي حكم بالسجن ست سنوات في العام 2017 على خلفية قضية ابتزاز عرفت محليا باسم "عصابة الساونا"، كما حوكم لسرقته وثائق سرية من قاعدة عسكرية، ومثل أمام محكمة مدنية أيضا بتهمة جنائية برئ منها في نوفمبر 2016، عقب تدخل حكومة أردوغان في القضية، ومكافأة بوزكير بضمه لوكالة الاستخبارات.
ومن بين القضايا المثيرة التي تحدث عنها المصدر أيضا، شحنة أسلاك تفجير نقلت لتنظيم "داعش" تحت إشراف جهاز الاستخبارات التركية.
وقد تم الكشف عن هذه القضية عندما ضبطت الشرطة ما يزيد على ستة أطنان من أسلاك التفجير، بعد اعتراضها لشاحنة بمنطقة أكجاكلي في شانلي أورفا جنوبي تركيا في 8 سبتمبر 2015.
وأخفيت الشحنة تحت أكياس بصل في الشاحنة التي رافقتها سيارات أمنية.
وقدمت لائحة اتهامات ضد تسعة أشخاص منهم سائق الشاحنة يالشين كايا والذي قال أمام المحكمة أن المسؤولين عن الشحنة أعلموه بأن الدولة التركية وافقت عليها، وألا يخشى أي شيء على الإطلاق.
وفي جلسة الاستماع للسائق، أشار كايا إلى أن شخصا قدم نفسه على أنه ضابط استخبارات قد أخبره خلال عملية تحميل الشحنة أنها متجهة لداعش بموافقة الحكومة التركية، الأمر الذي جعل المحكمة تورد في لائحة الاتهام يوم 26 أكتوبر 2017، أن السائق كان على علم بوجهة الشحنة التي نظمها احمد عزت ساريتاش، وهو أحد المشتبهين في القضية.
وأظهر مستند الشحن أن أسلاك التفجير تعود إلى شركة "تريند ليمتد" والتي يمتلكها المدعو مسعود دوغاناي، ضابط الشرطة المتقاعد، الذي عمل بوحدة الأسلحة والمتفجرات في قسم شرطة "دنيزلي" غرب البلاد، واشترى المؤسسة المذكورة سنة 2014 وسجلها باسم زوجته.
وخلال تحقيق للشرطة بمستودعات الشركة، اكتشفوا أن هناك نقصا يصل إلى 20 طن من المواد المتفجرة مقارنة بسجلات الشركة الخاصة بالشحنات الصادرة والواردة.
وبعد توقيفه، طلب النائب العام من المحكمة في 21 نوفمبر 2017، إطلاق سراح دوغاناي، إلا أن القاضي أمر باستمرار حبسه في أنطاليا.
وكشف دوغاناي في جلسة عقدت يوم 17 يوليو 2017، أنه باع المواد المتفجرة لشخصين أظهرا هويات تعريفية تثبت عملهم لدى الاستخبارات التركية، وبأنهما أخبراه بإتمامهما للعملية نيابة عن الحكومة بغرض دعم التركمان في سوريا.
سياسة كم الأفواه
ولكم الأفواه، رفع المدعي العام بإسطنبول مراد إنام في أكتوبر 2016، دعوى ضد مراسلة صحيفة "جمهوريت" كانان كوشكون، لنشرها تقريرا عن ارتباط الاستخبارات التركية بشحنة أسلاك التفجير، واتهمها بإهانة الدولة التركية وأجهزتها بموجب المادة 301 من قانون العقوبات التركي.
ولزرع الخوف في نفوس الصحفيين وإبعادهم عن التفكير بكتابة أي تقرير يتعلق بالقضية، نشرت الاستخبارات مقالا في صحيفة "أكيت" الموالية لأردوغان، زعمت فيه أن الشحنة كانت في طريقها لحزب العمال الكردستاني بسوريا.
وحاولت الاستخبارات لاحقا ربط الملف برجل الدين فتح الله غولن، ليضرب أردوغان بذلك "عصفورين بحجر واحد"، أي إبعاد التهمة عن أجهزة الدولة، وإلصاقها بمعارض للرئيس.