تجاوزت ميليشيا الحوثي خرق وقف إطلاق النار في الحديدة وتجاهل اتفاق السويد، إلى استهداف موكب رئيس لجنة إعادة الانتشار التابعة للأمم المتحدة في اليمن الجنرال باتريك كاميرت، وهو ما يؤكد الطبيعة الإرهابية للميليشيات التي تستهدف ترهيب وعرقلة عمل المسؤول الدولي، وسط مطالبات للمبعوث الدولي مارتن غريفيث بالتحرك، بحسب محللين.
وأكدت مصادر في اللجنة المشتركة أن موكب كاميرت وفريقه الذي كان يستقل سيارات مدرعة تابعة للأمم المتحدة، استهدف بعيارات من أسلحة رشاشة في الطريق أثناء عودته للمدينة، عقب لقائه اللجنة الحكومية.
وكان كاميرت تمكن من الوصول إلى مقر وفد حكومة الشرعية في اللجنة المشتركة شرقي مدينة الحديدة، بعد رفض مليشيات الحوثي السماح له بالمرور من مقر إقامته في المدينة إلى مناطق الشرعية.
وأجبر المتمردون المسؤول الدولي على الانتظار "نحو 5 ساعات قبل أن يسمحوا له بالانتقال إلى مناطق قوات المقاومة المشتركة في الجبهة الشرقية، لإجراء لقاء مع ممثلي الحكومة الشرعية"، لتستهدفه الميليشيات بعد ذلك موكبه دون أن يصاب بأذى، حسب الأمم المتحدة، التي أكدت سلامة مراقبيها بعد تقارير عن "إطلاق نار" في اليمن.
وقال وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني إن "إصرار المليشيا الحوثية على إفشال تنفيذ اتفاق ستوكهولم تجاوز رفضها تنفيذ بنوده المزمنه بالانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة وفتح الطرق للإمدادات الغذائية وعرقلة التئام اللجنة المشتركة والاستمرار في خرق وقف إطلاق النار، ليصل حد الاعتداء على موكب فريق الرقابة الأممية".
واعتبر الأرياني أن "هذا التطور الخطير يؤكد استمرار المليشيا في وضع العقبات أمام جهود الأمم المتحدة ويهدد بنسف مسار السلام المرتكز على اتفاقية السويد والمرجعيات الدولية ذات الصلة"، مطالبا مجلس الأمن والمبعوث الخاص لليمن بـ"موقف صارم مع ميليشيات الحوثي، التي أكدت بتصعيدها الأخير والخطير ما أكدنا عليه مرارا أنها عائق أمام السلام في اليمن وأنها مجرد أداة إيرانية لنشر الفوضى وزعزعة أمن واستقرار المنطقة وتهديد دول الجوار وأمن الممرات الدولية في البحر الأحمر".
جرأة على المجتمع الدولي
والعملية الإرهابية التي تأتي غداة قرار مجلس الأمن، بإنشاء بعثة دولية لدعم اتفاق الحديدة في اليمن، وزيادة عدد المراقبين الدوليين لوقف إطلاق النار إلى 75 مراقبا، تعد "تجرؤا حوثيا على المجتمع الدولي، بدافع من الصمت الذي تبديه الأمم المتحدة حيال مئات الخروقات للهدنة واتفاق السويد"، بحسب المحلل السياسي اليمني عصام الشريم، الذي تحدث إلى موقع "سكاي نيوز عربية".
ويثير ذلك تساؤلا بشأن موقف المنظمة الدولية في الأزمة اليمنية، ووفق الشريم "عندما يرتكب الحوثيون خروقات، تقول الأمم المتحدة إنها طرف محايد، لكن عندما تتقدم قوات الشرعية وتستعيد أراض يمنية، نجد مشروعات قرارات تقدم في مجلس الأمن لوقف التقدم والذهاب إلى المفاوضات التي لا يحترم الحوثيون نتائجها".
واعتبر الشريم أن الحوثيين "يريدون بهذا الإرهاب الواضح ابتزاز المجتمع الدولي والضغط على كاميرت وترهيبه".
ويقود كاميرت اللجنة المكلّفة بمراقبة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، الذي تم التوصل إليه في محادثات سلام في السويد الشهر الماضي، وتطبيق بندين آخرين في الاتفاق ينصان على انسحاب المتمردين من موانئ المحافظة.
وعملت ميليشيات الحوثي منذ اليوم الأول لتعيين كاميرت على عرقلة مهامه، ووجهت له الاتهامات بالتحيز لأنه رفض عملية تسليم "وهمية" لميناء الحديدة إلى متمردين متخفين في ملابس مدنية.
كما أجبرت الميليشيا مندوبي المديريات، تحت تهديد السلاح، على التوقيع على وثيقة تدين الجنرال الهولندي.
وقال الشريم إن كاميرت "وصل إلى قناعة راسخة بأن الجماعة الإرهابية لا تريد السلام"، بعدما رأى بنفسه الأفعال الإجرامية للحوثيين.
ويسيطر الحوثيون على معظم البلدات والمدن في محافظة الحديدة، وعلى رأسها مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، ويرفضون تطبيق الاتفاق القاضي بانسحابهم تحت إشراف لجنة تنسيق إعادة الانتشار.
غريفيث مطالب بالتحرك
وفي السياق ذاته، قال العقيد السابق في الجيش اليمني يحيى أبوحاتم لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الجماعة الحوثية تمادت بشكل كبير جدا"، وحث المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث على التحرك لإدانة الميليشيات وإثبات جرائمها.
ويرى أبوحاتم أن غريفيث عليه "أن يعلن موقفا واضحا مما يحدث" للحفاظ على مصداقية الأمم المتحدة وفرص حل الأزمة بشكل سلمي.
ومنذ اتفاق السويد الذي ينص على انسحاب الميليشيات المتمردة من الحديدة والموانئ التابعة لها، والالتزام بوقف إطلاق النار، ارتكب الحوثيون حوالي 480 خرقا لإطلاق النار، كان أبرزها الهجوم الإرهابي بطائرة مسيرة قبل أيام على عرض عسكري في قاعدة العند في لحج، مما أسفر عن مقتل رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء محمد صالح طماح و6 من الجنود، إضافة إلى إصابة عدد آخر من القادة.
واكتفى المبعوث الدولي حينها في بيان بالإعراب عن قلقه، ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس.