في أحدث حلقة من مسلسل التعنت الحوثي والمراوغة في تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة في اليمن، شن الناطق باسم الميلشيات، محمد عبدالسلام، هجوما عنيفا على رئيس لجنة إعادة الانتشار التابعة للأمم المتحدة، باتريك كاميرت.
ومن المفترض أن يقود كاميرت لجنة مكلّفة بمراقبة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة الذي تم التوصل إليه في محادثات سلام في السويد الشهر الماضي، وتطبيق بندين آخرين في الاتفاق ينصان على انسحاب المتمردين من موانئ المحافظة.
ويسيطر الحوثيون على معظم البلدات والمدن في محافظة الحديدة، وعلى رأسها مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، ويرفضون تطبيق الاتفاق القاضي بانسحابهم تحت إشراف لجنة تنسيق إعادة الانتشار.
وهجوم عبدالسلام على رئيس لجنة إعادة الانتشار واتهامه بالخروج عن مهمته، يأتي وسط إصرار الميليشيات على عرقلة تنفيذ اتفاق السويد، وبعد دعوة وجهها المدعو حسن زيد، أحد منظري الحوثي، إلى طرد كاميرت والاعتداء عليه.
وبعد أسابيع من التعنت والتلاعب، أعلنت ميليشيات الحوثي المرتبطة بالنظام الإيراني، انقلابها على عملية السلام ورفضها جهود الأمم المتحدة ممثلة بالمبعوث الدولي مارتن غريفيث، ولجنتها الخاصة المعنية بتنفيذ اتفاق الحديدة.
ومن على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، كشف حسن زيد، وهو أيضا وزير الشباب والرياضة في حكومة الانقلاب، عن موقف ميلشياته، ونواياها نحو لجنة إعادة الانتشار، مطالبا بطرد رئيسها كاميرت.
وتحدث زيد، في تدوينة تلت حملة تحريض واسعة ضد كاميرت ولجنته، داعيا إلى إحراق مدينة الحديدة وإغراقها في الدماء، في تصريحات تؤكد مرة أخرى استهتار الحوثيين بحياة المدنيين تنفيذا لأجندة الراعي الإيراني.
ولأن زيد ليس مجرد حوثي تابع كما هو حال كثيرين من أتباع الميليشيات، فإن مراقبين يجمعون على أن ما كتبه إنما يعبر عن موقف قيادة المليشيات، خصوصا أنه يعد أحد أكبر المنظرين عند الحوثيين ودعاة الفكر الطائفي، وأحد أنشط أتباع ملالي طهران في اليمن.
وفي وقت دعا زيد إلى التخلص من كاميرت ولجنته، تواصل المليشيات خروقها لوقف إطلاق النار من خلال قصف متواصل للأحياء السكنية وقتل المزيد من الأطفال والنساء بشكل يومي.
مقاطعة حوثية لاجتماع "للجنة المشتركة"
في غضون ذلك، قاطع ممثلو ميليشيات الحوثي في لجنة إعادة الانتشار في مدينة الحديدة اجتماعا للجنة المشتركة بعد اتهام كاميرت "بتنفيذ أجندة أخرى".
وقالت مصادر في الحديدة إن ممثلي المتمردين الحوثيين قاطعوا الاجتماع المقرر الأحد مع اللجنة المشتركة التي يترأسها الجنرال الهولندي.
وتأتي هذه الاتهامات الحوثية بعد رفض كاميرت إجراءات الحوثيين، ومطالبته بالانسحاب من الموانئ الثلاثة في مدينة الحديدة.
كما يأتي التلاعب الحوثي وسط استعداد مجلس الأمن لتلبية طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بنشر أكثر من 15 مراقبا في الحديدة، فهل سيحدث هذا فعلا بعد انكشاف موقف الميليشيات التي ضاقت ذرعا بمراقبين لايتجاوز عددهم أصابع اليد، وماهو مصير لجنة كاميرت بعد هذا الموقف؟
وأيا كانت الإجابات، فإن المعنيين بالشأن اليمني يؤكدون أن تصريحات زيد ليست إلا تحريضا صريحا، وصل إلى حد الإيحاء بل الدعوة إلى الاعتداء على كاميرت وأعضاء لجنته، وربما ماهو أكثر من ذلك.