تعكس مبادرة الأمم المتحدة بشأن وضع ميناء الحديدة تحت إدارة دولية، اتساق تحالف دعم الشرعية في اليمن مع جهود لحل أزمة البلد المنهك، وفي الوقت ذاته تعنت ميليشيات الحوثي الإيرانية ووضعها العراقيل أمام إنهاء النزاع.

ويعد الميناء المنفذ البحري الرئيسي لليمن، الذي يعاني أزمة إنسانية طاحنة منذ انقلاب المتمردين على السلطة الشرعية، لكنه أصبح مرتعا حوثيا لتهريب الأسلحة إلى الداخل اليمني لا سيما من إيران، فضلا عن التلاعب بالمساعدات الإنسانية التي تصل عبره.

والجمعة قال المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث، إنه أكد على ضرورة "أن تسعى الأمم المتحدة الآن بنشاط وبشكل عاجل لمفاوضات مفصلة لدور قيادي للأمم المتحدة في الميناء"، المطل على البحر الأحمر غربي اليمن، وذلك بعد زيارته لصنعاء والحديدة.

وتتفق رؤية غريفيث بشأن وضع الميناء تحت إدارة دولية مع طرح التحالف للاقتراح ذاته أكثر من مرة، إلا أن المبادرة لم تر النور بسبب تعنت المتمردين الحوثيين ورفضهم تسليم الميناء بحجج مختلفة.

وفي بيان سابق، قال التحالف الذي تقوده السعودية إن وضع الميناء تحت إدارة دولية "سيسهل تدفق الإمدادات الإنسانية إلى الشعب اليمني، وينهي في الوقت نفسه استخدام الميناء لتهريب الأسلحة والبشر".

لكن عمليات النهب التي تنفذها الميليشيات المتمردة عبر الميناء، فضلا عن كونه نقطة التهريب المفضلة للأسلحة، تحول دون موافقة الحوثيين على ترك إدارة الميناء للمؤسسة الدولية.

فقد عمد الحوثيون إلى نهب الحاويات والسيطرة على المساعدات التي تصل اليمن عبر ميناء الحديدة على مدار سنوات، سواء كانت أغذية أو أدوية أو وقود، واحتكار توزيعها بما يخدم أجندتهم.

كذلك استغلت الميليشيات الميناء لإدخال الأسلحة الإيرانية المهربة، وِفق ما أكد التحالف مرات عدة، واستخدمته كمنصة لتنفيذ هجمات، تهدد عبرها طرق التجارة البحرية الدولية.

ودفع هذا المشهد الفوضوي الذي ترسمه ميليشيات الحوثي، تحالف دعم الشرعية للدعوة مرارا لتحويل سفن الإغاثة، إلى الموانئ الخاضعة للحكومة الشرعية، أو إخضاع ميناء الحديدة لإشراف الأمم المتحدة.

ويعد الميناء الممر الأهم إلى كافة الجزر اليمنية ذات العمق الإستراتيجي، وأهمها جزيرة حنيش الكبرى والصغرى وجبل صقر الذي يرتفع أكثر من 3700 قدم عن مستوى البحر.

وميناء الحديدة آخر الموانئ المتبقية بأيدي الحوثيين، بعدما استعادت الشرعية ميناءي المخا وميدي الإستراتيجيين.

وكونه المنفذ البحري الوحيد الذي يمكن من خلاله توصيل المساعدات الغذائية والطبية لليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين، يجعل ذلك من سيطرة الحوثيين عليه عائقا كبيرا أمام وصول المساعدات إلى الشعب الذي يرزح تحت وطأة معاناة إنسانية في ظل سلطة الانقلابيين.

وتمثل محافظة الحديدة، التي تقع على بعد 226 كيلومترا غربي العاصمة صنعاء، أهمية بالغة للمتمردين الحوثيين، فهي حلقة الوصل البحرية مع إيران من أجل تلقي إمدادات السلاح لهم عبر مينائها.

ومن شأن استعادة قوات الشرعية لميناء الحديدة، إنهاء تهديد الحوثيين للملاحة البحرية في باب المندب وقطع الإمدادات الإيرانية لهم عن طريق البحر، وحصرهم في المناطق الداخلية والجبلية.