دخلت إيران مرحلة جديدة من دفع ثمن سياسيتها التخريبية في الشرق الأوسط، عندما أعادت واشنطن فرض حزمة شديدة من العقوبات عليها، لكن النظام الذي يروج لتحدي العقوبات لم يستطع الحفاظ على أفواه مسؤوليه مغلقة، ليقروا بما حاولوا التستر عليه لفترة طويلة.
ففي ظل حالة من الصراع وإلقاء اللوم بين المسؤولين المنضوين تحت عباءة المرشد علي خامنئي، تسربت أرقام رسمية تشير إلى مدى الفشل الذي اعترى سياسات الملالي طيلة أربعة عقود، وما أسفر عن ذلك من أوضاع بائسة للمواطنين، حسبما ذكر المركز الأحوازي للإعلام و الدراسات الاستراتيجية.
ودخلت الدفعة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران حيز التنفيذ هذا الأسبوع، وهي تستهدف قطاعي النفط والمال الحيويين في البلاد، وذلك بعد 3 أشهر من حزمة أولى استهدفت قطاعات الصلب والألومنيوم والتكنولوجيا، وبعض الكيانات الاقتصادية.
وبينما أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن بلاده "ستلتف بفخر على العقوبات الأميركية، فإن حقائق صدرت على مدار الستة أشهر الأخيرة، ستصعب على ما يبدو من أي تحرك له لمواجهة العقوبات.
غالبية الشعب تحت خط الفقر
ففي 11 مارس الماضي، أفاد عضو اللجنة الإقتصادية في البرلمان الإيراني، شهاب نادري، بأن 80 في المئة من المواطنين الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر، وذلك في جلسة استجواب لوزير التعاون والعمل والضمان الإجتماعي، علي ربيعي، بسبب سوء الأداء.
وبحسب تقرير لوكالة الأنباء الرسمية (إرنا) في شهر فبراير الماضي، أكد المجلس الأعلى للعمل، وهو بمثابة نقابة العمال، أن الحد الأدنى لأجور العمال شهريا وصل إلى ما يعادل ١٦٠ دولارا أميركيا، في الوقت الذي بلغت فيه تكاليف الحد الأدنى لمعيشة عائلة مكونة من أربع أشخاص إلى نحو ٦٠٠ دولار أميركي.
وبحسب تصريحات مسؤولين إيرانيين، فإن ١١ مليون شخص من عوائل العمال يعيشون تحت خط الفقر، بينما يحصل نحو ٧ ملايين عامل على الحد الأدنى من الأجور.
من جهته أعلن نائب وزير العمل والرعاية الإجتماعية، أبو القاسم فيروز آبادي، أن هنالك ١٢ مليون شخص يعيشون فقرا مطلقا في إيران وبحاجة ماسة للمساعدة العاجلة، بينما لا توجد خطة عمل لمساعدتهم.
ومن جانبه، اعترف وزير التعاون والعمل والضمان الاجتماعي بوجود ٤٠ مليون فقير في إيران، بحاجة إلى المساعدات المالية والصحية والسكنية.
وقال ربيعي في حديث للقناة الثانية الإيرانية في شهر يناير الماضي، إن هؤلاء الملايين يعانون من الفقر ذو الأبعاد المتعددة في المجالات المالية والصحية والتعليمية والغذائية والسكنية وغيرها. واعترف نائبه، أحمد ميدري، بوجود ما يصل إلى 5 ملايين جائع في البلاد.
بيوت الصفيح
وبحسب رئيس منظمة الرفاهية، أنوشيروان محسني، فإن ما يصل إلى ١٣ مليون إيراني يعيشون في بيوت الصفيح.
أما وزير الطرق والمدن، عباس آخوندي، فقد اعترف في فبراير الماضي، بوجود نحو ١٩ مليون إيراني في مساكن سيئة، لا تتوفر فيها إمكانيات الراحة والأمان.
وقال نادري، إن "البطالة أصبحت أزمة أمنية حقيقية تهدد النظام الإيراني، بعدما طالت نسبة كبيرة من الشباب"، مرجعا ذلك إلى الفساد الإداري وانعدام الكفاءة في التعيينات وانخفاض عوائد الاستثمار.
واعترف وزير الداخلية الإيراني، عبدالرضا رحماني فضلي، ببلوغ نسبة البطالة ٦٠ في المئة في بعض المدن الإيرانية، وفق ما أعلنته وكالة تسنيم للأنباء، التابعة لاستخبارات الحرس الثوري الإيراني.
وتختلف نسبة البطالة من منطقة إلى أخرى، نتيجة التمييز العنصري الذي يمارسه النظام الإيراني بحق القوميات غير الفارسية حتى في التوظيف، بحسب المركز الأحوازي.
مستقبل متشائم
ورغم وجود ثروات هائلة في بعض المناطق مثل الأحواز، يحرم النظام الإيراني من خلال سياسة ممنهجة العرب من فرص العمل، بينما يوظف غير العرب بغية تغيير ديموغرافية المنطقة لأغراض سياسية.
وبحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، فقد ساهمت القرارات الاقتصادية الإيرانية المشكوك فيها في رسم مستقبل متشائم للبلاد.
وبحسب وكالة الأنباء الخاصة "فارارو"، فقد اجتمع روحاني بثلاثين خبيرا اقتصاديا على مدار ساعتين ونصف الساعة في 15 أكتوبر، حيث تلقى منهم وابلا من الانتقادات للسياسات الاقتصادية للحكومة، والتي تعتمد على "حلول ذات دوافع سياسية" و"قصيرة الأجل".