لم يكد يمر شهر على اعتقال زعيم تنظيم "مرابطون" المتطرف، المصري هشام عشماوي داخل ليبيا، حتى نفذ مسلحون هجوما على حافلة تقل أقباطا قرب أحد الأديرة بمحافظة المنيا، في رسالة "يائسة" اختارت توقيتا محددا وبدعاية إخوانية مسبقة، لإنكار تأثير الضربات الأمنية الكبيرة للجماعات الإرهابية، بحسب محللين.

وقتل 7 أشخاص وأصيب مثلهم، في هجوم على حافلة تقل أقباطا، كانت متجهة إلى دير الأنبا صموئيل، في محافظة المنيا بصعيد مصر، في ثاني هجوم بنفس المنطقة خلال عام، حيث نفذ مسلحون هجوما في مايو 2017 على حافلة كانت تقل أقباطا، مما أسفر عن مقتل 30 شخصا.

واعتبر الخبير في شؤون الجماعات المتشددة، ماهر فرغلي، في حديث لسكاي نيوز عربية، الهجوم الإرهابي "محاولة من ذيول مجموعات هشام عشماوي للعودة إلى المشهد، بعدما تلقوا ضربة قوية باعتقال قائد جماعة المرابطين في مدينة درنة الليبية".

وقال فرغلي:" يريدون أن يبعثوا رسالة مفادها أن مجموعة هشام عشماوي لا تزال قادرة على العمل".

ويمثل إلقاء القبض على عشماوي زعيم تنظيم "المرابطون" في وقت مبكر من شهر أكتوبر ضربة للمتشددين، الذين يشنون هجمات في مصر عبر حدودها الشرقية والغربية، وجميعهم مرتبطون فكريا وتنظيميا ببعض بشكل أو بآخر.

وعشماوي الضابط السابق بالجيش المصري، كان يسعى لتشكيل ما أطلق عليه "الجيش المصري الحر" التابع لتنظيم القاعدة في درنة، بهدف نقله إلى الأراضي المصرية، وفق مصادر عسكرية ليبية، قبل أن يتلقى تنظيمه ضربة موجعة أسفرت عن اعتقاله ومقتل أبرز مساعديه.

لكن رسالة التحدي التي صاغها الإرهابيون في هجوم المنيا جاءت بنتيجة معاكسة، بحسب فرغلي الذي يعتقد أن ما حدث" لا يدلل على عودة هذه التنظيمات، وإنما يدل على مدى تأثير الضربات التي تلقوها في الآونة الأخيرة، مما دفعهم للإقدام على عملية من هذا النوع".

وفي ذات السياق، أشار الكاتب كمال زاخر لسكاي نيوز عربية، إلى أن الهجوم يأتي بعد إعلان المتحدث باسم القوات المسلحة عن نجاحات في استهداف مجموعات إرهابية في صحراء مصر الغربية وسيناء.

وقال زاخر:" تريد الجماعات الإرهابية أن تنفي موتها وتتحدى السلطات".

دعاية الإخوان

ويأتي الهجوم بعد أيام من تقارير أفادت بقيام لجان إعلامية تابعة لتنظيم الإخوان بتجهيز فيلم وثائقي عن عشماوي، يحتفي بالعمليات التي قادها ضد الجيش والشرطة في مصر، كما يتضمن دعاية لما عرف بهجوم "كمين الواحات ، والذي راح ضحيته 16 ضابطا في الأمن في أكتوبر عام 2017.  

وقال فرغلي، إن هناك رابط مباشر في التوقيت بين الدعاية الإخوانية والهجوم الإرهابي، وهو ما يثبت تورط التنظيم في هذه العمليات الإرهابية.

وأضاف، أن التحرك الدعائي للإخوان قبل الهجوم بأيام يثبت "التنسيق مع ذيول مجموعة عشماوي في ليبيا".

ويظهر توقيت الهجوم أيضا "تخطيطا تم العمل عليه بعناية"، بحسب الباحث في مركز الاهرام الاستراتيجي عاطف سعداوي، الذي أشار إلى الدعم اللوجيستي المتواصل من قبل دول في المنطقة لهذه المجموعات المتطرفة بهدف إحداث حالة من عدم الاستقرار الأمني في مصر.

ويقول سعداوي:" لم يعد العمل الإرهابي ناجما عن إيديولوجيا متطرفة وحسب، بل أصبح من صنع دول بتخطيط وبإمكانيات حديثة".

وتأوي قطر وتركيا قيادات لتنظيم الإخوان الذي يجد مظلة كبيرة له في هاتين الدولتين، للدعاية الإعلامية والتواصل مع عناصره في أماكن عدة، بحسب مراقبين.

أهداف سهلة

وتعد الأديرة المعزولة في الصحراء أهدافا أسهل للإرهابيين الذين يستغلون جغرافيا المنطقة، من أجل القيام بهجمات خاطفة، بحسب عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان المصري محمود محيي الدين.

"منطقة شمال الصعيد مرتبطة جغرافيا بصحراء المنطقة الغربية، والأديرة عبارة عن خلوات دينية للأقباط ، لا يمكن إغلاقها حفاظا على الحرية الدينية".

وأضاف محيي الدين لسكاي نيوز عربية، أنه "لولا الإجراءات الوقائية التي اتخذتها القوات المسلحة والشرطة في الظهير الصحراوي لكانت الهجمات أكثر وأكبر تأثيرا".

ولفت النائب البرلماني، إلى فرض نطاق أمني حول مدن شمال الصعيد وتنفيذ العديد من الضربات الأمنية ضد المتطرفين.

وعلى مدار الأعوام الثلاثة تعرض الأقباط لاعتداءات دامية، أوقعت أكثر من مئة قتيل وعشرات المصابين، تبنتها تنظيمات متطرفة عدة.  

وعادة ما تركز الجماعات المتطرفة في هجماتها على الأقباط، في محاولة لإظهار عدم قدرة السلطات على حماية الأقليات الدينية، وهو ما يثير حساسية لدى الغرب، بحسب فرغلي.

ويقول المحلل السياسي:" الأقباط دائما هم الحلقة الأضعف، لدى هذه التنظيمات التي ترتب أولوياتها عبر مهاجمة الجيش والشرطة ثم الأقباط".

وأضاف:" الأقباط يمثلون هدفا موجعا، ويثير الرأي العام في الداخل والخارج، وهو ما يريده الإرهابيون".