بالتزامن مع استجواب البرلمان التونسي، لوزير الداخلية فيما يتعلق بوجود تنظيم سري داخل أجهزة الأمن تابع لحركة النهضة، فجرت سيدة منقبة نفسها في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، في عمل استخدمت فيه قنبلة بدائية، تشير إلى "وجود مخازن أسلحة محلية" لدى جهة ما، بحسب محلل سياسي.
وأفادت مصادر أمنية، الاثنين، بسقوط 9 جرحى، معظمهم من رجال الأمن، في هجوم انتحاري وقع قرب مقر وزارة الداخلية، وسط تونس العاصمة.
وقالت الإذاعة الرسمية، إن امرأة فجرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة، في حين أشارت مصادر إلى أن التفجير استهدف دورية أمنية.
وتزامن التفجير مع جلسة للبرلمان، جرى فيها استجواب وزير الداخلية هشام الفراتي، بشأن ما أثير عن وجود تنظيم سري عسكري لحركة النهضة، أخذ على عاتقه القيام بعمليات إرهابية وتصفية الخصوم.
التنظيم السري
واعتبر المحلل السياسي التونسي، محمد صالح العبيدي، في اتصال مع موقع سكاي نيوز عربية، أن التفجير "وثيق الصلة" بالاتهامات الموجهة إلى حركة النهضة بشأن التنظيم السري.
وقال لسكاي نيوز عربية، إن "ما أفادت به وزارة الداخلية بأن العبوة الناسفة المستخدمة في التفجير الانتحاري تقليدية الصنع، يوحي بأن هناك مخازن سلاح وتنظيمات سرية في البلاد، والحديث هنا عن جماعات سياسية تدعم أنشطة سرية".
وأضاف، أن الحادث يمثل "نهجا تعود عليه التونسيون عندما تواجه حركة النهضة أزمة على الصعيد الشعبي والسياسي"، قائلا: "كلما ضاق الخناق سياسيا على الحركة، تقع عملية ارهابية في إطار عملية التخويف الجماعي التي تمارسها الحركة".
ولفت العبيدي إلى اغتيال المعارض شكري بلعيد، يوم 5 فبراير عام 2013 بعد مداخلة تليفزيونية، بعد اتهامه حركة النهضة بالتشريع للاغتيال السياسي، قائلا:" كانت الحركة تواجه حينها مأزقا حقيقيا في الشارع، فجاء اغتيال بلعيد في إطار عملية ترهيب للخصوم السياسيين والمعارضين، كما نجد أنه في يوليو 2013 عندما وجدت حكومة علي العريض نفسها أمام أزمة، وقعت عملية اغتيال محمد البراهمي، والآن.. فإن الحركة الإخوانية في أدتى مستوى شعبي لها". وتابع:" ثمة جناح سري مهمته تشتيت العبء المتصاعد على الحركة".
وكشفت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد، ومحمد البراهمي في تونس، يوم الأحد، أن حركة النهضة تمارس ضغوطا متزايدة على الأمن والقضاء، لطمس حقيقة وجود تنظيمها السري، بحسب بيان صادر عن الهيئة التي تضم محامين ونشطاء معنيين بالكشف عن حقيقة اغتيال السياسيين بلعيد والبراهمي.
خلط الأوراق
من جانبه، قال المحلل السياسي لطفي بن صالح لسكاي نيوز عربية، إن التفجير يأتي "من أجل إعادة خلط الأوراق في المشهد السياسي"، ولا يمكن الفصل بينه وبين استجواب وزير الداخلية بشأن امتلاك النهضة لجهاز أمني سري.
وأشار بن صالح، إلى أزمة أمنية تعيشها تونس، "فالتعاون الأمني مفقود داخل وزارة الداخلية التي تعجز عن القيام بمهامها نتيجة سيطرة جهات ما عليها".
واعتبر المحلل السياسي جمعة القاسمي، أن للهجوم امتداد خارجي، رغم أنه جرى تنفيذه محليا وبأدوات بدائية، قائلا إن "الجماعات الإرهابية هي مجرد آليات وظيفية تستخدم من قبل أطراف لديها أجندات في شمال أفريقيا"؟
وقال القاسمي لسكاي نيوز عربية، إن ما وصفه بـ"القوى الظلامية المرتبطة بالحلف القطري التركي لا تزال تستثمر في الجماعات الإرهابية بالمنطقة".
أزمة سياسية
وتشهد تونس أزمة سياسية بشان تعديل وزاري مرتقب، تدعمه حركة النهضة، ويهدف إلى بقاء رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد، فيما أعلن حزب نداء تونس عدم المشاركة في التعديل الوزاري.
وأعلن نداء تونس، أنه يتشاور مع القوى السياسية، لتشكيل حكومة من دون حركة النهضة، التي اتهمها بالسعي للسيطرة على مرافق الدولة وتغيير إرادة الناخبين. واتهم الحزب الحكومة الحالية، بأنها أوصلت البلاد إلى فشل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وأثر هذا الارتباك في المشهد السياسي على الوضع الأمني للبلاد، بحسب القاسمي الذي قال إن أصواتا عديدة حذرت مسبقا من تأثير هذه الأزمة أمنيا، على اعتبار أن العناصر الإرهابية دائما ما تستغل الظروف السياسية للقيام بإحداث فوضى أمنية لصالح "أجندات لا تريد الخير للبلاد".
ومددت الرئاسة التونسية، في وقت سابق، حالة الطوارئ السارية في البلاد منذ سلسلة من الاعتداءات الإرهابية الدموية في عام 2015 حتى 6 نوفمبر القادم.
ووقعت آخر عملية إرهابية بتونس في 24 نوفمبر 2015، حيث قتل 12 عنصرا في الأمن الرئاسي، وأصيب 20 آخرون في هجوم انتحاري استهدف حافلتهم بوسط العاصمة تونس وتبنّاه تنظيم داعش.
وفرضت الرئاسة إثر ذلك حالة الطوارئ لـ30 يوما، ثم مددت العمل بها مرات عدة لفترات تراوحت بين شهر و 3 أشهر.