في خضم المعارك التي خاضتها المقاومة اليمنية بدعم من التحالف العربي، في تعز ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية، كان مخطط آخر يجري على الأرض من قبل تنظيم الإخوان الإرهابي، وممثله حزب الإصلاح لتحويل المدينة إلى ما يشبه إمارة إخوانية، بحسب مصادر مطلعة.

 فبعد أقل من شهر من إطلاق التحالف الدولي لدعم الشرعية في اليمن، عمليات عاصفة الحزم لدحر الانقلاب على الشرعية في أبريل عام 2015، بدأ تنظيم الإخوان في اليمن تنفيذ مخطط للاستيلاء على المدينة، مستعينا بتنظيمي داعش والقاعدة وانضواء عناصر من حزب الإصلاح تحت راية المقاومة اليمنية.

وقال مصدر مطلع لسكاي نيوز عربية، إن أول مجموعة من تنظيم داعش دخلت إلى تعز على متن 4 مركبات نقل بعد بدء عاصفة الحزم  بشهر، وبتنسيق مع قيادات الإخوان، وسط اعتراض كبير من الناشطين الميدانيين والسياسيين.

وذكر المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "قيادات الإخوان برروا ذلك بأنه استعانة بالشيطان ضد الحوثي". لكن الأمر تكشف مع الوقت عندما تحول الأمر إلى عملية توطين لعناصر القاعدة وداعش في المدينة.

خيانة المقاومة

وفي غضون 6 أشهر، ظهر ما يعرف بكتائب حسم، وهي قوة مشتركة من الإخوان والمتطرفين، وصل قوامها في غضون وقت قصير إلى ألف مقاتل قادمين من محافظات مختلفة، وبقيادة القيادي في القاعدة عدنان رزيق، الذي حصل في وقت لاحق على رتبة رسمية بقيادة اللواء 45.

 وفي الأثناء، منح حزب الإصلاح عناصر حسم عددا من المدارس والمقرات من أجل تحويلها إلى ثكنات عسكرية لهم.

وأشرف على إدماج العناصر المتطرفة في الميدان القائد العسكري لميليشيات الإخوان عبده فرحان الشهير بسالم، وهو أحد المشرفين على تجنيد ما سمي بالأفغان العرب في فترات الحرب بأفغانستان، ولديه علاقة وثيقة بتنظيمي القاعدة وداعش. 

ويتكشف سر الاستعانة بالقاعدة وداعش في معارك من المفترض أنها موجهة ضد الحوثيين في تعز، بواقع ما يجري على الأرض في المعارك فعليا.

وقال مصدر يمني في تعز لـ"سكاي نيوز عربية" إن ميليشيات الإخوان والمتطرفين، لم تهتم بالقتال ضد الحوثيين، بل كانت تستغل التقدم الذي تحرزه قوات المقاومة الوطنية على الأرض، فتهرع للسيطرة على المناطق المحررة بحكم كثرتها العددية وهيمنة حزب الإصلاح.

ويقول رئيس مركز جهود للدراسات عبد الستار الشمري لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الإخوان أخذوا قرارات تنفيذية باعتبارهم سلطة أمر واقع.. ولم يعملوا على تحرير المدينة لكنهم استولوا على المناطق المحررة".

وأوضح أنه "عندما كانت تسقط منطقة بأيدي المقاومة، كان الإخوان يستولون عليها ويعينون لها قيادة إدارية تحت حجة سد الفراغ، رغم اعتراض الحكومة".  

وأشار الشمري إلى أن تواجد الإصلاح في تعز لم يتعد 5 في المئة قبل الأزمة، لكن بعد ذلك كانوا يعملون على أخونة المؤسسات والاستيلاء على المؤسسات.

وقال الشمري:" لقد حولوا تعز إلى إمارة إخوانية رسميا، بعدما نجحوا في السيطرة على كافة المؤسسات، مستفيدين بالدعاية الإعلامية لتحركاتهم الميدانية البسيطة".

 تخزين السلاح

واستفاد الإخوان من دمج عناصرهم بين قوات المقاومة، حيث أتاح لهم ذلك الحصول على الأسلحة. وبدلا من استخدامها لمقاتلة الحوثيين، كانت عناصرهم تقوم بتخزينها، بحسب مصادر عدة.

وقال الشمري، إن الإخوان أنشأوا مخازن في تعز، وعدد من المناطق المحيطة، لتخزين الأسلحة الحديثة، مشيرا إلى أن سعيهم إلى التسلح كان واضحا منذ البداية بهدف تعزيز قوتهم لا من أجل قتال الحوثي.

وعبر الادعاء بخسارة السلاح خلال المعارك، تكدست الأسلحة في المخازن، بينما قامت عناصر حزب الإصلاح ببيع بنادق الكلاشينكوف في الأسواق للحصول على بعض الأموال، لتصبح تعز أمام حزب سياسي يستغل الحرب في تجارة الأسلحة.

وبحسب الشمري، فإن ما تم استخدامه من الأسلحة في الجبهات بمدينة تعز لم يتعد 10 في المئة، فيما ذهبت النسبة الباقية إلى مخازن الأخوان، قائلا:" يحضرون أنفسهم لاستخدام هذا السلاح في وقت لخدمة أهدافهم".

المواد الاغاثية

وعلى نفس النهج، كانت الجمعيات الخيرية التابعة للإخوان تكنز المساعدات الإغاثية التي تقدمها المنظمات العربية والدولية والهادفة إلى مساعدة السكان المحاصرين في المدينة.

وقال مصدر مطلع لـ"سكاي نيوز عربية" إن كيانات مثل جمعية الإصلاح ومؤسسة الرعاية المدعومة من قطر، وجمعية معاذ، والكثير من المنظمات التابعة للإخوان، استقبلت كميات ضخمة من المواد الإغاثية ولم توزعها على الأهالي.

وأوضح المصدر، إلى أن العديد من هذه المواد تباع في الأسواق بحجة تمويل المجهود الحربي، فيما تذهب سلال الأغذية إلى عناصر  الإصلاح وعائلاتهم، قائلا:" حدثت طفرة مادية لأعضاء الإصلاح في ذروة المعاناة الإنسانية التي يعاني منها أهالي مدينة تعز".

معتقلات خاصة

وأثارت هذه الممارسات غضبا شعبيا وسياسيا في تعز، لكن كتائب الإصلاح المهيمنة على أجهزة الأمن تعاملت مع هذا الأمر بالقمع والاغتيالات والاختطاف، بحسب العديد من المصادر.

فقد عكف الإخوان على إنشاء السجون والمعتقلات السرية والعلنية، ليزجوا فيها العديد من الناشطين المناهضين لهم.

فتم إنشاء سجني الروضة والمذبح، وتحويل فندق رويال والمعهد القومي للدراسات التنموية، ومقر نيابة الأموال العام إلى معتقلات، بالإضافة إلى ما عرف بالسجون المؤقتة في مناطق برباشة والحصب وعصيفرة.

وفي هذا السياق، جرى اختطاف الكثير من المعارضين، ومن بينهم الشمري الذي غادر البلاد إلى مصر خشية على حياته.

وقال الناشط السياسي إنه "اقتيد إلى ساحة الإعدام بسبب لقاء تليفزيوني عبر فيه عن مناهضته للإخوان، وذلك قبل أن تتدخل الحكومة ومكتب الرئاسة ووسائل الإعلام للضغط من أجل الإفراج عنه".

وبحسب الشمري، لا يزال عددا كبيرا من الناشطين مختطفين، ومنهم أكرم حميد المختطف منذ عامين، وأيوب الصالحي، بينما تتم ملاحقة آخرين.