أكد السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، على التقدم الكبير الذي أحرزته الإمارات في محاربة التنظيمات الإرهابية باليمن، في وقت يتمادى التواطؤ القطري الإيراني في دعم الإرهاب والميليشيات المسلحة بالمنطقة.
وفي مقال له نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، لفت السفير الإماراتي إلى أنه "خلال الشهر الماضي، تم التأكد من أن إبراهيم العسيري، صانع القنابل الرئيس في تنظيم القاعدة، قد قتل في غارة جوية في اليمن".
وأشار العتيبة إلى أن العسيري كان المخطط الرئيسي لهجمات على عدد من الأهداف الدولية والأميركية، بما في ذلك مؤامرة عام 2009، المعروف صاحبها باسم "مفجر الملابس الداخلية"، الذي حاول إسقاط طائرة ركاب أميركية.
واعتبر القائم بأعمال مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية السابق مايكل موريل، مقتل العسيري "أهم عملية استهداف إرهابية منذ مقتل أسامة بن لادن"، بحسب السفير الإماراتي.
وكشف العتيبة أن هذه العملية التي مثلت آخر نجاح يحقق في اليمن ضد تنظيم القاعدة، قد جاءت "نتيجة تعاون استخباري وثيق بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة".
وذكر أن "الحملة المكثفة التي قادتها القوات المسلحة الإماراتية على الأرض نجحت في القضاء على أكثر من ألفي متشدد وإزالتهم من ساحة المعركة، إضافة إلى تحسين مستويات الأمن، والمساهمة الفعالة في توصيل المساعدات إلى مدينة المكلا وغيرها من المناطق المحررة".
جهود ناجحة
وأشار العتيبة في مقاله إلى الفارق الكبير الذي أصبح جليا بعد الجهود الإماراتية، "فقبل ثلاث سنوات فقط، كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يسيطر على اليمن، حيث استولى على ثلث البلاد، وكانت عناصره تمثل مصدر ترهيب كبير لليمنيين، وكانوا يخططون لمزيد من الهجمات ضد الأهداف الأميركية والدولية".
وتابع:"أما اليوم، فقد ضعف التنظيم ووهنت قوته إلى أقل مستوى له منذ عام 2012".
وبحسب العتيبة، فإن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لا يمثل التهديد الرئيس الوحيد في اليمن، حيث تقف إيران ووكيلتها ميليشيات الحوثي التي تشبه حزب الله وراء الأزمة الحالية في اليمن.
"فقد قام الحوثيون، الذين لا يمثلون أكثر من 5 في المئة من سكان البلاد، بالانقلاب على الحكومة الشرعية، واستولوا بالقوى على العاصمة والمدن الكبيرة الأخرى وساحل البحر الأحمر بأكمله. وكان الشعار الرئيسي لهم في كل عملياتهم هو: الموت لأميركا".
ولفت العتيبة إلى المساعدات العسكرية التي توفرها إيران للحوثيين، قائلا إن طهران تقدم "معدات وتقنيات عسكرية متطورة لم يحصل على مثيلها جهة غير حكومية في العالم".
وأشار السفير اليمني إلى أنه من خلال تفويض من الأمم المتحدة، فقد حققت الإمارات، بوصفها عضواً في التحالف العربي، تقدماً كبيراً ضد الحوثيين.
وقال:" لقد تم تحرير أجزاء كبيرة من جنوب اليمن، بينما يتم تأمين جزء كبير من ساحل البحر الأحمر مع التركيز الآن على الحديدة، آخر ميناء رئيسي تحت سيطرة الحوثي".
و"أدت العمليات النوعية إلى تقليل الخطر الذي تتعرض له خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بينما مثلت ضغطا إضافياً على الحوثيين لإجبارهم على التفاوض، مع الحفاظ على أولوية استمرار تدفق المساعدات الإنسانية".
تواطؤ قطر وإيران
لكن في الوقت الذي تلعب فيه الإمارات دورا رائدا في محاربة التطرف،"فإن آخرين يقومون بتمكينه وإطالة أمده"، بحسب السفير الإماراتي.
وقال العتيبه إنه "في الوقت الذي شددت فيه الولايات المتحدة العقوبات على إيران الشهر الماضي بسبب تدخلها في اليمن وعبر الشرق الأوسط، برهنت قطر مرة أخرى على موقفها المتسامح مع التطرف الإسلامي، واتصل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، بالرئيس الإيراني حسن روحاني ليعرض دعما قطريا موسعا على صعيد التعاون في مجال النقل البحري، إلى جانب تقديم حزمة من الاستثمارات، وعقود البناء".
وأوضح العتيبة أن "التواطؤ القطري أصبح عميقا"، لافتا إلى ما كشفت عنه صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها في أبريل الماضي، عن قيام الدوحة بدفع فدية بمئات الملايين من الدولارات مباشرة إلى فيلق الحرس الثوري الإيراني وغيره من المتطرفين لإطلاق سراح أفراد مختطفون من العائلة المالكة.
وفي اليمن قدمت جمعية عيد الخيرية في قطر الملايين من الدولارات لزعيم القاعدة في جزيرة العرب، عبد الوهاب الحميقاني، الذي كان يعمل في السابق بوزارة الشؤون الدينية في قطر، في وقت تمثل شبكة الجزيرة الإعلامية المملوكة للدولة، البوق الإعلامي للتطرف في المنطقة، في حين يتمتع الأشخاص الذين وضعتهم الولايات المتحدة والأمم المتحدة على قائمة الإرهاب بملاذ آمن في الدوحة، بحسب العتيبة.
وفي مقابل الدعم القطري للإرهاب، "تكافح دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، تماماً كما فعلنا ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان، وحركة الشباب في الصومال وتنظيم داعش في سوريا".
الأولوية لإنهاء الحرب
وفيما يتعلق بجهود حل الأزمة اليمنية، أكد العتيبة دعم الإمارات لمساعي الحل السياسي ، قائلا:"في الوقت الراهن، يجب أن تكون الأولوية لإنهاء الحرب في اليمن.
وقال العتيبة:" تعتقد دولة الإمارات العربية المتحدة أن العملية السياسية تقدم الحل الدائم الوحيد، وتؤيد بقوة جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، وهي الجهود التي رفضها الحوثيون قبل أيام قليلة من خلال الغياب عن المحادثات التي كان مقرراً لها في جنيف".
وأشار إلى المخاطر الأمنية المتنامية باستمرار في شبه الجزيرة العربية وحولها، لافتا إلى ما يمثله الحوثيون من خطر "معتمدين على شريان الدعم الإيراني، فيما لا يزال تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يشكل تهديداً مستمراً طالما بقي اليمن دون حكومة تبسط الأمن والسلام في البلاد".
وقال العتيبة إن هؤلاء المتمردون "الذين لا دولة لهم يروعون الدول والتجارة العالمية بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار المسلحة التي تزودهم بها إيران، إضافة إلى تفريخ انتحاريين قادرين على تفجير طائرات فوق الأراضي الأميركية".
"الشرق الأوسط يعد مكاناً معقداً وخطيراً، لكن دولة الإمارات العربية المتحدة واضحة تماماً بشأن رؤيتها للمنطقة ولشركائها فيه. وفي الوقت الذي يراهن فيه الآخرون على إيران، فإن الإمارات العربية المتحدة تحارب أخطر وكيل لإيران".
واختتم العتيبة المقال، مؤكدا أنه "في حين يقوم الآخرون بتمكين المتطرفين وتشجيعهم، تقف الإمارات مع الولايات المتحدة على خط المواجهة لإلحاق الهزيمة بهم. إنه عمل صعب وخطير، لكن الإمارات والولايات المتحدة والمجتمع الدولي أكثر أمنا بسبب ما تقوم به من جهود في مواجهة هذا التحدي".