اعتمدت ميليشيات الحوثي على زرع كميات هائلة من الألغام لمواجهة القوات الشرعية التي تسعى لتحرير ما تبقى من مدن اليمن، لكن طريقة زرع الألغام بدون "خرائط" تكشف كثيرا عن استراتيجية الميليشيات الموالية لإيران.

فبحسب المدير العام للمشروع السعودي لنزع الألغام باليمن "مسام"، أسامة القصيبي، فقد تبين أن معظم عمليات زرع الألغام التي قامت بها الميليشيات الحوثية تمت بطريقة عشوائية دون خرائط.

ويقول القصيبي لسكاي نيوز عربية:" وجود الخرائط يسهل كثيرا من مهمة نزع الألغام، لكننا يتبين لنا أن الحوثيون زرعوها بشكل عشوائي وفي مناطق مأهولة بالسكان".

مليون لغم

ويقدر مدير مشروع "مسام" عدد الألغام التي تم نزعها من المناطق المحررة في اليمن بنحو مليون لغم بمجهودات مشتركة من التحالف العربي والقوات الشرعية والمشروع الوطني، لكن العدد الذي لا يزال مدفونا في أراضي اليمن "أكبر من ذلك بكثير"، وفق تقديره.

وبالإضافة إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة، يستعين مشروع "مسام" بالمجتمع المحلي والبلاغات التي تأتي من السكان بشأن وجود ألغام في منطقة ما، في غياب الخرائط.

ويوضح القصيبي أن الجيوش النظامية عادة ما تزرع الألغام لهدف دفاعي وهي تقوم بذلك وفق خرائط محددة وبعيدة عن المناطق المأهولة، من أجل إزالتها في مرحلة لاحقة بسهولة، لكن الحوثيين وضعوا الألغام في البنى التحتية والمزارع وبين البيوت السكنية وحتى داخل البيوت نفسها.

ويقول:"جاءتنا بلاغات عديدة عن عائلات كانت نازحة وعندما عادت تعرضت لانفجار ألغام زرعت في داخل منازلها".

فوضوية

وبحسب تقرير للباحثة إليانا ديلوزيي، في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فإن الحوثيون يزرعون الألغام يدويا دون اعتماد نمط أو سجل يمكن تحديده، مما يزيد من الفوضى الأمنية في اليمن ويشكل تهديدا لحياة اليمنيين.

ونتيجة لهذه الطريقة، "يمكن للأعاصير والفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية أن تبعثر الألغام من مواقعها الأساسية"

وتقول ديلوزيي "يمكن إيجادها على طول الطرق الرئيسية وساحات القتال، فضلاً عن المنازل والآبار وحتى المراحيض. وفي جميع أنحاء البلاد، أصبحت مساحات من الأراضي غير صالحة للسكن بسبب الألغام".

للإرهاب فقط

لكن ثمة شيء آخر لا يقل خطورة، فقد عمدت الميليشيات الحوثية إلى تحويل الألغام المضادة للآليات ذات المفجرات الثقيلة والمدى التفجيري الكبير إلى ألغام مضادة للأفراد، واستخدمت في ذلك دواسات كهربائية تتيح لهذا النوع من الألغام الانفجار بسهولة عندما يطأها أحد الأفراد، بحسب القبيصي.

ووفق مشروع "مسام" فقد كشفت وقائع ميدانية أن بين اللغم المزروع والآخر لا توجد إلا مسافة هامشية بما يعادل ما 20 و30 سنتيمترا، "وبذلك تحول هذه الألغام المتراصة، المناطق السكانية والمناطق القريبة من الطرقات التي تغص بها، إلى حقول ألغام مفتوحة تنهش من يقترب منها وتزرع الرعب والأسى في قلوب المهجرين عنوة عن درياهم".

ويتضح من ذلك أن الهدف من زراعة الألغام ليس عسكريا فقط، حيث يقول القبيصي:" عندما نجد الألغام مزروعة بين البيوت أو داخل المنازل نفسها .. هل هذا عمل عسكري ؟.. الهدف هو استهداف الشعب والبنى التحتية .. وتفريغ القرى من أهلها.. جريمة بكل معنى الكلمة ضد المدنيين.. هذا إرهاب".

ويسعى تحالف دعم الشرعية في اليمن إلى إزالة الألغام من المناطق المحررة عبر مجموعة من الجهود المشتركة الرامية أيضا لوضع القضية على رادار المجتمع الدولي، كونها تشكل جريمة ضد الإنسانية.

وقد أشادت الأمم المتحدة عبر مدير مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن أندريا ريكيا، بدور الإمارات في نزع الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها الحوثيون، وتطهير المناطق المحررة في الساحل الغربي لليمن.

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية عن مدير العمليات الإنسانية لدولة الإمارات سعيد الكعبي في اليمن قوله إنه تم وضع خطة بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة في عدن لنزع الألغام و العبوات الناسفة من المناطق المحررة بمحافظة الحديدة لحماية اليمنيين من مخاطر العبوات الناسفة.

وأكد الطرفان على ضرورة توفير إحصاءات تتضمن عدد الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها الحوثيون في المناطق اليمنية كافة، إضافة إلى عدد الإصابات جراء تلك الألغام وأنواعها والمناطق المستهدفة من قبل الفرق الهندسية المعنية بنزعها.

وتفرض اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد المعروفة باسم "اتفاقية أوتاوا" عام 1997، حظرا كاملا على استخدام وتصنيع وتخزين الألغام المضادة للأفراد.