خرجت حشود عراقية غاضبة إلى شوارع مدينة البصرة الجنوبية بالعراق، في احتجاجات تعكس افتقار المحافظة الغنية بالنفط إلى خدمات أساسية تؤمن احتياجات مواطنيها، الذين حرمتهم إيران من مياه نظيفة صالحة للشرب والزراعة.
فمنذ شهر يونيو الماضي ارتفعت نسبة الملوحة (أو ما يعرف بالمد الملحي) القادمة من الخليج العربي إلى شمال نهر شط العرب، وهو مصدر المياه الوحيد لمحافظة البصرة.
وتزامنت الأزمة مع قطع تركيا وإيران تدفق المياه من نهر دجلة وروافده إلى العراق بحجة ملء سدودهما، مما أدى إلى قلة المياه القادمة إلى نهر شط العرب.
ويتكون شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات شمالي محافظة البصرة، ونتيجة لقراري تركيا وإيران انخفض منسوب المياه في النهر، الأمر الذي سمح له بزيادة استقبال مياه الخليج العربي المالحة.
ونتيجة لذلك يقول العضو السابق في البرلمان العراقي، عامر الفايز، إن ملوحة مياه نهر شط العرب سيمتد تأثيرها إلى المحافظات الأخرى المستفيدة من دجلة والفرات، ولن يتوقف عند البصرة فقط.
من نهر إلى بحر
وعلاوة على ذلك، قررت السلطات الإيرانية إغلاق نهر الكارون (شرقا)، الذي يصب في مياه شط العرب، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة ملوحة شط العرب بدرجات قياسية لا تتماشي مع المعايير العالمية.
فوفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية، يجب ألا تزيد نسبة الملوحة في المياه على ألف جزء في المليون، لكن هذه النسبة تخطتها مياه شط العرب، بحسب ما قاله الفايز لـ"سكاي نيوز عربية".
وكان رافد نهر الكارون يساهم بشكل كبير في دفع المياه المالحة القادمة من الخليج العربي للجزء الجنوبي من شط العرب.
ولم يحرك نظام الملالي ساكنا، وهو يشاهد احتجاجات سكان دولته الجارة، التي تقترب من شبح نقص مياه حاد لم تواجهه من قبل في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة.
وأعلنت السلطات الإيرانية أن نهر الكارون سيظل مغلقا في الاتجاه العراقي حتى شهر سبتمبر المقبل، وهي الفترة الكافية لإنشاء 4 سدود على النهر.
وما زاد الطين بلة هو مواصلة الجانب الإيراني إلقاء مخلفات في مياه شط العرب تزيد من ملوحة النهر. ويعلق عامر الفايز على ذلك بقوله: "أعتقد أن يتحول نهر شط العرب يوما ما إلى ماء بحر".
حل الأزمة
وحتى الآن لم تجد الحكومة حلا لهذه الأزمة، التي أثرت اجتماعيا وصحيا واقتصاديا على أهالي البصرة، فقد وصل تأثيرها إلى المحاصيل الزراعية بعدما تضررت الأراضي من ملوحة المياه، كما تأثرت الثروة السمكية.
وأضاف البرلماني العراقي السابق "نفق الكثير من الحيوانات بينما أصيب بعضها بالعمى، ناهيك عن المعاناة الصحية للمواطنين".
وفي ظل تعنت الإجراءات الإيرانية، يرى الفايز أن الحكومة العراقية بصدد حلين للأزمة، أولهما آني ويتمثل في تنفيذ الحكومة العراقية وعدها بفتح الإطلاقات المائية من سدود تصب في نهر شط العرب، والثاني استراتيجي يقضي بضرورة إنشاء محطات حرارية للتحلية مثل تلك التي تقع على ساحل الخليج العربي.
ويعتمد أهالي البصرة حاليا على المياه المعدنية المستوردة ومعامل تحلية المياه، وفقا للفايز.