دخل العراق فصلا جديدا يزيد من حدة التوتر المحتدم في مدن جنوبي البلاد، خاصة بعد ارتفاع عدد قتلى المحتجين إلى أربعة، خلال نحو أسبوعين من المظاهرات انطلقت من الجنوب، وألقت الضوء على مشكلات بلاد الرافدين المتفاقمة.
وجاء تواصل الاحتجاجات ليكسر هدوءا عاشته مدن الجنوب لسنوات.
وخرج الآلاف، الجمعة، في مدن البصرة والناصرية والديوانية وكربلاء جنوبا، وامتدت التظاهرات إلى العاصمة بغداد، حيث تجمع المئات في ساحة التحرير.
وحاول المتظاهرون عبور جسر الجمهورية باتجاه المنطقة الخضراء، قبل أن تفرقهم قوات الأمن.
وفي البصرة، مهد الاحتجاجات، قتل أحد أفراد القوات الأمنية ومتظاهر خلال اشتباكات ليلية مع إحدى العشائر في منطقة الكرمة.
أما في الديوانية فقد تصدت ميليشيات بدر الموالية لإيران للمتظاهرين الغاضبين، فقتلت متظاهرين وأصابت العشرات.
ولا تزال مطالب المحتجين تربك حكومة العبادي، والطبقة السياسية.
ورغم اتخاذ بعض الإجراءات لاحتواء المظاهرات، تبدو الحكومة اليوم عاجزة أكثر من أي وقت مضى، عن تهدئة الشارع. ويزيد الفراغ السياسي والتشريعي الذي يعيشه العراق صعوبة موقف الحكومة.
أما عن الطبقة السياسية فلا يبدو -حسب المحتجين- أن سياسيي العراق مهتمون بمطالب الشارع أكثر من اهتمامهم بإعادة فرز نتائج الانتخابات الأخيرة، وتشكيل التحالفات والحكومة.
وربما يشكل زعيم التيار الصدري الاستثناء، بعد مطالبته بتأجيل ذلك والالتفات إلى مطالب المحتجين. وهو الموقف الذي أعاد مقتدى الصدر من جديد إلى واجهة الأحداث، بعدما قاد مظاهرات عارمة العام الماضي ضد الفساد.
ويرفع المتظاهرون مطالب مرتبطة بضعف الخدمات والبطالة والمشكلات الاجتماعية.
لكنهم في الوقت ذاته باتوا يطرحون بقوة ملفات سياسية بامتياز، فلم يغب فساد الطبقة السياسية، وسوء توزيع الثروة، وتورط إيران وميليشيات مرتبطة بها في إضعاف اقتصاد البلد، ونهب مقدراته.
وبدا ذلك واضحا من خلال مهاجمة المتظاهرين لمقرات أحزاب ومليشيات موالية لإيران، خاصة ما يعرف بعصائب أهل الحق التي تورطت في قمع المحتجين والتصدي لهم بقوة السلاح، بينما أحرق محتجون في الأيام الماضية صور الخميني.