عكست الصور التي نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي للمظاهرات التي اجتاحت الجنوب العراقي، حالة النقمة الشعبية إزاء الحكومة والطبقة السياسية بالإضافة إلى رفض النفوذ الإيراني المتنامي في البلاد.
ومن أبرز اللقطات التي تجسد الاعتراض الشعبي الجارف على محاولة نظام طهران إحكام قبضته على العراق ونهب ثرواته، فيديو لمتظاهرين وهم يحرقون صور المرشد الإيراني الراحل، الخميني.
وهتف المتظاهرون، خلال حرق الصورة الضخمة وسط مدينة البصرة، "احترق الخميني احترق" و"احترق الحشد احترق"، في إشارة إلى ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران.
والشارع الذي شهد هذه الخطوة الرمزية هو شارع الزهراء الذي غيرت السلطات العراقية اسمه قبل نحو عامين لشارع الخميني، الأمر الذي أثار حينها موجة من الغضب الشعبي على اعتبار أن الخطوة مثلت انتهاكا لسيادة العراق.
وتأتي المظاهرات الحالية التي انطلقت قبل أسبوع من البصرة قبل أن تمتد إلى معظم المحافظات الجنوبية، لتؤكد مرة أخرى حالة التدهور التي وصلت إليها البلاد من جراء الفساد المستشري في ظل الهيمنة الإيرانية.
وفجر انقطاع الكهرباء وشح المياه وتفشي البطالة، أحدث موجة من الغضب في البصرة التي تعد من أغنى المحافظات فهي منفذ لتصدير النفط، في حين قابلت السلطات ذلك بالقمع، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى برصاص الأمن.
وتضم البصرة نحو 70 بالمائة من احتياطيات العراق المؤكدة من النفط وتبلغ 153.1 مليار برميل، وتقع على الخليج العربي المتاخم للكويت وإيران، وتمثل مركز العراق الوحيد هذه الأيام بالنسبة لجميع صادرات النفط إلى السوق الدولية.
واقتحم المحتجون في معظم المحافظات الجنوبية مبان حكومية بالإضافة إلى مراكز للأحزاب المهيمنة على المشهد السياسي منذ سنوات، ومقار لميليشيات الحشد الشعبي التي تعتبر الذراع الرئيسي لإيران في العراق.
وهرعت الحكومة لاحتواء الاحتجاجات بإطلاق وعود تتعلق بتوفير آلاف الوظائف، لا سيما في قطاع النفط، وتخصيص 3.5 ترليون دينار عراقي (3 مليارات دولار) لمشروعات كهرباء ومياه.
إلا أنه بموازاة الوعود الحكومية، شنت القوات الأمنية حملة اعتقالات طالت، وفق ناشطين، عشرات الأشخاص الذين شاركوا في الاحتجاجات المستمرة منذ أسبوع للمطالبة بتوفير فرص عمل وخدمات أفضل.
وشنت القوات الأمنية، مساء الأحد، حملة اعتقالات واسعة في البصرة، حيث طاردت المتظاهرين على الطرق الرئيسية والأزقة، بالتزامن مع إغلاق الشوارع المحيطة بمبنى المحافظة بالأسلاك الشائكة.