لا تزال قضية منظومة الدفاع الصاروخية المعروفة باسم "القبة الحديدية" تهيمن على المشهد في إسرائيل. صحيفة هآرتس التقت أحد المسؤولين العسكريين حول القضية وكتبت تقول إن "القبة الحديدية هي المهدئ الذي منع احتلال غزة".

محللون عسكريون كانوا قد أشاروا إلى أنه "لولا تأخير التمويل لنصبت إسرائيل نحو خمس قواعد لـ"القبة الحديدية"، مشيرين إلى أن التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية لا تزال مستمرة، رغم سقوط بعض الصواريخ التي أطلقت من غزة الجمعة داخل الأراضي الإسرائيلية في الجنوب.

منظومة "القبة الحديدية" الدفاعية المضادة للصواريخ، احتلت عرش العناوين في الصحف الإسرائيلية مؤخراً.

وعادت المنظومة الدفاعية، التي كانت وصفة للخلاف بين الإسرائيليين أنفسهم منذ أن طرح التفكير بإنشائها عام 2007، مع التصعيد الأخير لتحتل مستويات عليا في النقاش الداخلي الإسرائيلي ولم تعد محل خلاف بمقدار ما اصبحت قيد الإجماع.

فعلاوة على المديح الإعلامي بإدائها العسكري، دخلت هذه المنظومة إلى الحيز السياسي واعتبرت "أداة سياسية"، كما قال محلل الشؤون العسكرية لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان.

ولعل معنى "الاداة" السياسية هنا يكمن في أنَّ المستوى السياسي الإسرائيلي، يتمتع، بـ "مساحة قرار" أوسع "بفضل إسقاط الصواريخ" إلى درجة أن عدداً من المراقبين اعتبر "القبة الحديدة" بمثابة "استراتيجية".

لقد بدت الأجواء الإيجابية حيال المنظومة منذ اليوم الأول للتصعيد الأخير، فقد سلط المعلقون الإسرائيليون، الضوء على قدرة المنظومة وأدائها. وطالب المعلق العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هارئيل بإضافة المزيد من بطاريات المنظومة، فيما اعتبرها المعلق السياسي لصحيفة "معاريف" بن كاسبيت "فخرًا إسرائيليًا" خصوصاً وأن "القبة الحديدية" تمّ تطويرها إسرائيليًا.

أما المحلل العسكري للصحيفة ذاتها عوفر شيلح فأشار إلى أن "التسلح بمنظومات القبة الحديدة يجب أن يكون فوق أولويات أخرى".

هذا الإجماع ليس جديداً ويذكر إلى حد ما في جولة التصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في إبريل عام 2011، عندما تعرضت غزة للقصف، وتعرض جنوب إسرائيل لقصف صاروخي من قبل حماس. ولكن هذه المرة يبدو الإجماع من حولها أقوى والنقاشات حول اقتنائها أقل بكثير.

المنظومة الحديدية التي تحظى اليوم بإجماع كبير، كانت نقطة خلافية في الماضي، أي منذ أن اقترحت في العام 2006 على وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه عامير بيرتس.
فقد واجهت المنظومة في حينه معارضة من قبل بعض الأوساط الإسرائيلية المسؤولة، خصوصاً وأن تطويرها سيكلف أمولاً طائلة، وبحسب تقرير نشره موقع "غلوبس" الإسرائيلي الاقتصادي فإن القاعدة الواحدة تكلف 100 مليون دولار أميركي.

لكن بيرتس في حينه أمر بتطويرها دون الاكتراث لمعارضيها.

وظلت هذه القبة قيد النقاش، واحتلت أيضاً واحداً من تقارير مراقب الدولة في إسرائيل الذي انتقد طريقة اتخاذ القرار بشأنها.

المتحدث العسكري، أفيحاي أدرعي قال لـ"سكاي نيوز عربية" إن منظومة "القبة الحديدية" أثبتت "نجاحها، وقللت بشكل كبير من حجم الخسائر"، مبينًا أن حركة الجهاد الإسلامي "لم تحقق شيئاً".

ولكن في جميع الأحوال، فإن القبة الحديدية تربعت في هذه "الجولة" على عرش التحليلات كما حظيت بالإجماع.

مستقبل هذه المنظومة يبدو مضموناً، خصوصاً وأنها خرجت من دائرة الخلاف بين وزارة المالية ووزارة الدفاع حول التمويل.

حتى الآن توجد ثلاث قواعد لـ"القبة الحديدية" منتشرة في جنوب إسرائيل، وتمت المصادقة على نصب القاعدة الرابعة هناك.

ورغم أن المنظمة تمكنت من إسقاط نسبة لا يستهان بها من الصواريخ المنطلقة من غزة، غير أنها لم تمنع بعض الصواريخ الفلسطينية من تحقيق إصابات مباشرة في إسرائيل. وعلاوة على هذا، لم تستطع إعادة الحياة الطبيعية لبلدات الجنوب.

يشار إلى أن القبة الحديدة هي عبارة عن نظام دفاع جوي متحرك تهدف إلى اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية، وتشمل المنظومة جهاز رادار ونظام تعقب وبطارية صواريخ مكونة من 20 صاروخ اعتراضي.

ونشأت فكرة القبة الحديدة في فبراير عام 2007، بعد حرب يوليو 2006 حيث أطلق حزب الله ما يزيد على 4000 صاروخ كاتيوشا قصير المدى سقطت في شمال إسرائيل، فاختار وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، عمير بيرتز، المشروع كحل دفاعي لإبعاد خطر الصواريخ قصيرة المدى عن إسرائيل.