"بلاد الرافدين" و"بلاد ما بين النهرين"، تسميتان أطلقتا على العراق قديما، في إشارة إلى نهري دجلة والفرات اللذين يمران عبره ويندمجان في مجرى واحد هو شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.
وفرة المياه التي كانت تتدفق عبر النهرين، يبدو أنها في طريقها إلى الزوال، أو على الأقل الانخفاض إلى أكثر من نصف الكمية التي كانت تتدفق في العادة، بعد قرارات من دول الجوار تسببت في تراجع منسوب المياه فيهما، وتحديدا في نهر دجلة الذي ينبع من تركيا، مثله مثل شقيقه الفرات.
يأتي هذا فيما مازال العراق يعاني من التشظي والحرب على الإرهاب، حيث وجد نفسه معرضا للجفاف جراء تراجع كمية المياه المتدفقة عبر نهر دجلة إلى نحو 50 في المئة بعد أن بدأت تركيا بتحويل المياه إلى سد إليسو.
ورغم الاعتراضات العراقية على هذا المشروع، الذي أوقفت دول الاتحاد الأوروبي تمويله، هناك اعتراضات تركية أيضا، ذلك أنه يهدد مناطق أثرية مهمة للغاية، كما هو الحال في مدينة "حسنكيف" في منطقة ديار بكر بالقرب من الحدود مع العراق.
ويزيد الأمر سوءا، الإجراءات الإيرانية على روافد دجلة التي تنبع من أراضيها، وخصوصا على نهر الزاب الصغير، الذي قطعت طهران تدفق المياه عنه، بالإضافة إلى مياه الأنهار الأخرى المغذية لدجلة التي تنبع من داخل الأراضي الإيرانية، ويزيد عددها على 10 أنهار.
والأنهار التي قطعتها ايران عن العراق تماما، والأخرى التي غيرت مسارها لتجعلها داخل إيران فقط وتمنع مياهها من الدخول للعراق هي نهر الزاب الصغير في مدينة السليمانية، ونهر الوند، الذي يمر عبر مدينة خانقين، ونهر كارون، الذي ينبع من مرتفعات "بختياري" الإيرانية ويصب في شط العرب.
بالإضافة إلى ذلك، هناك نهر دويريج الذي ينبع من المرتفعات الإيرانية ويصب في "هور المشرح" ونهر كرخة الذي يصب في "هور الحويزة" ونهر الطيب ونهر كنجان جم، الذي غيرت إيران مساره ونهر وادي كنكير ونهر قره تو ونهر هركينه ونهر زرين جوي الكبير.
كل هذا يهدد بحرمان العراق من مياه نهر دجلة ودخوله فيما قد يصبح "كارثة بيئية" حقيقية، تهدد العراقيين في مياه شربهم ومعاناتهم من أزمة مياه خانقة مزمنة وفي جفاف العراق، خصوصا في مناطق الأهوار في جنوب البلاد.