لا تترك السلطات القطرية أبناءها من الإرهابيين أبدا ، هو رابط متين، يجمع الإرهابيين بالسلطات القطرية، ويبدو أنه اتفاق عرفي بين جسد واحد، السلطات القطرية والإرهاب، فتعترف الدوحة ببعض الإرهابيين، ثم ترعاهم وتبجلهم وتحتفل بهم.
هذه المرة احتفال قطري على أعلى مستوى بإرهابي من الطراز الأول، وهو ليس إرهابي بحسب التصنيف العالمي فحسب، بل بحسب التصنيف القطري المتساهل والراعي للإرهاب.
عبد الرحمن النعيمي، أبرز ممولي الإرهاب على المستوى العالمي، مصنف عند العالم والدوحة على أنه إرهابي، لكنه يحظى بكل مزايا الإرهابي التي توفرها الدوحة، وبالتأكيد هذه المزايا لا تشمل السجن أو العزل أو حتى عقوبة خفيفة.
عقوبة الإرهاب في قطر، هي الاحتفاء والاحتفال، وبحضور واحد من أكبر رجال الدولة الداعمة للإرهاب، رئيس وزراء قطر.
الإرهابي عبد الرحمن النعيمي احتفل بزفاف نجله، واحتفلت معه الصحافة القطرية، وبحضور رئيس الوزراء القطري عبد الله آل ثاني، الذي قبّل عبد الله، نجل عبد الرحمن، الإرهابي المطلوب على القوائم العالمية، لتهنئته بحفل زفافه.
رئيس الوزراء القطري وكبار رجال الدولة والصحافة القطرية، لم تنتظر وقتا طويلا قبل أن تؤكد أن ما قاله تميم بن حمد أمير قطر عن محاربة الإرهاب أمام الرئيس الأميركي، هو محض كلام لا يعكس أي حقيقة.
وهنا تكون المفارقة المستمرة، فما جرى بحسب مراقبين، يعني شيئا من أمرين لا ثالث لهما: فإما أن يكون حديث تميم عن مكافحة الإرهاب هو خدعة وخديعة وذر للرماد في العيون، وهكذا يكون تميم شريك في رعاية الإرهاب.
وإما أن يكون أمير قطر مغلوب على أمره، ولا يحكم فعليا ولا يسيطر على الأمور، تحديدا حين يتعلق الأمر بالإرهاب.
وبغض النظر عن أي من الأمرين صحيحا، فإن النتيجة واحدة، وهي أن قطر تدعم الإرهاب بكل الوسائل، وأن الدوحة لا تفعل أي شيء لمنع الإرهاب أو على الأقل التخفيف من دعمه.
بعد احتفاء الدوحة بالإرهابي، انتشرت موجة من السخرية على وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية، لكن التناقض القطري بات نوعا من الكوميديا السوداء، المضحكة المبكية.
من جديد إذن، تسطر الدوحة ومعها وسائل إعلامها، فصلا جديدا من الملهاة القطرية، قصة رعاية الدوحة للإرهاب، التي تبتعد بقطر عن محيطها مع كل سطر تخطه السلطات القطرية في صفحات عزلتها وسياستها التخريبية، التي لا يبدو أنها ستنتهي قريبا.
صحيفة "الراية" القطرية، واحدة من أبرز صحف الدوحة، تركت أزمة قطر، والأخبار التي تضرب الدوحة ليل نهار، وخصصت مساحة للاحتفال بالإرهابي القطري، وقالت، في عددها الصادر الأربعاء في 11 أبريل، "يحتفل الدكتور عبد الرحمن بن عمير الجبر النعيمي مساء اليوم بزواج ابنه عبد الله وذلك بساحة الاحتفالات- منطقة النعيم.. وألف مبروك".
وتعرف الصحافة القطرية جيدا، أن النعيمي إرهابي، وهذه نبذة عنه، فقد وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد كشفت عن تمويل النعيمي لجماعات إرهابية، منها القاعدة في عدد من الدول مثل سوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى حركة الشباب الصومالية.
كما أدرجت الحكومة البريطانية النعيمي، على قائمة العقوبات لاشتباهها في تمويله جماعات متطرفة، وتم تجميد أصوله في بريطانيا، ومنع أي مصرف له فروع في بريطانيا من التعامل معه.
وأدرجته الرباعية العربية الداعية لمكافحة الإرهاب على قوائم الإرهابيين.
والدوحة نفسها كما أسلفنا، صنفته إرهابيا قبل مدة بسيطة.
وفي نظرة إلى الماضي القريب، نرى أن ما جرى هو أمر عادي، فالدوحة توجت الإرهابي مبارك محمد مسعد علي العجي بطلا رياضيا حين شارك في ماراثون وسط العاصمة القطرية، وقال العجي، في 4 مارس، إنه حصل "على المركز الأول فئة الفات بايك أجانب وقطريين"، لينشر صورة وهو يتلقى تكريما من المسؤولين بالإضافة إلى مبلغ مالي.
وبعد أيام قليلة، شارك الرجل نفسه في "بطولة دوحة ترايثلون الفئة الوطنية واتي كانت بالمتحف الإسلامي" وحل ثانيا، وها ما أكده حساب "دوحة ترايثلون" على تويتر حين بارك للفائزين مرفقا التغريدة بصورة تظهر مبارك العجي على منصة التكريم مع الفائز الأول والثالث، في 19 مارس.
والمفارقة في قضية العجي، أن الرجل الذي كرمته الدوحة عادت وبعد أيام قليلة، تحديدا في 21 مارس، لإدراجه في قائمة الإرهاب التي نظّر إليها من قبل المتابعين لنهج النظام في قطر، على أنها مجرد حلقة جديدة من مسلسل النفاق القطري المستمر منذ سنوات.
والعجي كان منذ سنوات على لوائح عقوبات الأمم المتحدة والحكومة الأميركية وأدرجته السعودية ومصر والإمارات والبحرين صيف 2017 على قائمة الإرهاب، بينما هو يتمتع بحماية نظام الدوحة تحت أعين الأمن القطري الذي أثار أخيرا دهشة العالم.
وفي النتيجة، يبدو أن صفحات قوائم الإرهاب القطرية، هي صفحات للتميز والاحتفال، وليست للعقوبة وإنهاء التخريب، وبالمباركة للإرهابي النعيمي، يبدو جليا أن الدوحة ترى أن قائمة الإرهاب هي قائمة مباركة، فتبارك الدوحة لنفسها رعاية الإرهاب ودعمه، وتستمر بذلك الملهاة القطرية السوداء.